النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت: نشأتها، وأسسها الجوهرية ومنطلقاتها الفكرية (الجزء الاول)
-----------------------
يمثل فكر مدرسة فرانكفورت مجالا لتقاطع العديد من المباحث العلمية والفلسفية مثل علم الاجتماع والأنتروبولوجيا والفلسفة السياسية... والمتفحص للخطاب النقدي المعاصر سيلمس الأهمية التي أصبح يحظى بها هذا المبحث في الدراسات الفلسفية و السوسيولوجية.
إن ميلاد مدرسة فرانكفورت لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت كاستجابة للتعقيدات التي يعرفها العالم المعاصر، فرغم انقضاء قرابة القرن على تأسيس مدرسة فرانكفورت، فإنها لا تزال تمثل نموذجا فلسفيا قادرا على استيعاب إشكالية الثقافة والسياسة في المجتمع المعاصر، وقد رسخت مدرسة فرانكفورت دعائمها في الفلسفة المعاصر من خلال أمرين هما إنشاء نظرية نقدية جديدة للإنسان والعالم من ناحية، وإرساء منهج تحليلي قادر على استيعاب المشكلات والصعوبات الاجتماعية، فمن أجل وضع نظرية نقدية للمجتمع تستطيع استيعاب المشكلات والصعوبات الاجتماعية، قام رواد المدرسة بإعادة قراءة تاريخ الفكر الغربي، انطلاقا من العودة إلى كانط وتحيين فلسفته، والمرور إلى هيغل والوقوف على منطقه الجدلي، وصولا إلى ماركس ورادكليته، وماكس فيبر وعقلانيته، ومحاولة إعادة قراءة فكر كل منهما والعمل على استيعاب أفكارهم في نظرية جامعة لكل هذه الأفكار، والتي أطلقوا عليها اسم النظرية النقدية والتي جاءت كتجاوز للنظريات التقليدية.
I. الأسس الجوهرية لفكر مدرسة فرانكفورت
تشكل مدرسة فرانكفورت انعطافة فكرية هامة في مسيرة الفكر الأوربي الحديث، وقد كان لهذه المدرسة الآثار الكبير والفاعل في صياغة "نظرية نقدية" تتعامل مع السوسيولوجية والفلسفة والسياسة والثقافة، كأبعاد متداخلة ومتشابكة في عملية تكوين ودراسة النظريات الاجتماعية، والأفاق المعرفية والحضارية التي رافقت التطورات والتحولات التي شهدها المجمع الأوربي في ميادين الاقتصاد والسياسة... وبروز "النظام الرأسمالي" كعامل حاسم في ترك أثاره في الفلسفة وعلم الاجتماع... فأين إذا تأسست مدرسة فرانكفورت ؟ ومتى كان هذا التأسيس؟ ما هي الخلفية الفكرية للمدرسة؟ وما هي أسسها الجوهرية؟.
1. نشأة مدرسة فرانكفورت
لقد حصلت مدرسة فرانكفورت على طابعها المؤسسي عبر تأسيس ( معهد البحوث الاجتماعية) في عشرينات القرن الماضي، وقد وضعت الحلقة الدراسية الأولى للعمل الماركسي سنة 1922 لبنات التفكير في أسباب أزمة الفكر الماركسي وإخفاق ثورة 1918 في ألمانيا،وقد جمعت ثلة من المفكرين أبرزهم رجل الأعمال" فليكس فايل" والاقتصادي فريديريك بلوك والمفكر الماركسي جورج لوكاش... إلا أن المشروع لم يتكلل بالنجاح، غير أنه يعتبر بمثابة الانطلاقة التي دفعة بعض المشاركين في تلك الحلقات للتفكير جديا في تأسيس "معهد الأبحاث الاجتماعية".
وقد تأسس معهد الأبحاث الاجتماعية رسميا في 3 فبراير 1993 بجامعة غوته بمدينة فرانكفورت بألمانيا.(1) ، وقد توخا المعهد في البداية احتضان الأبحاث النظرية الاشتراكية التي أقفلت الجامعة الألمانية الأبواب في وجهها وكان المعهد يظم جملة من المثقفين الذين لم يتبنوا أطروحات الاشتراكية، ورفضوا الانضمام إلى الحزب الشيوعي الألماني بعد فشل ثورة 1918 في ألمانيا يحدوهم العزم لبلورة فحص عميق "لأسس النظرية النقدية"(2).
كان المعهد في البداية يتولى الإشراف عليه أستاذ القانون والعلوم السياسية في جامعة فييانا كارل غرونبر، وفي عام 1931 تم تنصيب هوركهايمر رئيسا للمعهد وتعيين تيودور أدورنوا أستاذا مساعدا له، وبتعاون هوركهايمر وادورنوا أخد اسم النظرية النقدية في اللمعان بحيث لم يعد الاهتمام منصب فقط على نقد الاقتصاد السياسي كأداة تحليل للمجتمع الرأسمالي كما كانت ترى الماركسية. بل اعتمدت مقاربة تركيبية تقوم على ربط الفلسفة بالعلوم الاجتماعية والإنسانية(3).
وبعد سيطرة النازية في ألمانيا وصعود هتلر إلى الحكم عام 1933 اضطر هوركهايمر وزملاءه للهرب إلى سويسرا وفرنسا وبريطانيا ومن ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الوقت الذي صدرت فيه الأوامر بإغلاق المعهد ومصادرة مكتبته القيمة أسس هوركهايمر وزملاؤه فروعا أخرى للمعهد في كل من باريس ولندن ثم في جامعة كولومبيا. غير أن الوضع السياسي في أمريكيا جعلهم يتجنبون استخدام المفاهيم الراديكالية بسبب فقدانهم الثقة في الطبقة العاملة في أوروبا و أمريكا، وكذالك بالماركسين الذين أصبحوا تقليدين. وفي المنفى تطورت النظرية النقدية إلى فلسفة للتاريخ و المجتمع، مثلما كان ذالك في عصر التنوير(4) ، وفي هذه الفترة قدم الرواد الأوائل أهم أعمالهم فهوركهايمر أصدر عدد من الكتب المهمة من أهمها "السلطة والعائلة" و "كسوف العقل".
وفي سنة 19500 بعد الحرب العالمية الثانية وسقوط النازية في ألمانيا عاد بعض الرواد إلى فرانكفورت وعلى رأسهم هوركهايمر من اجل إكمال العمل الذي بدؤوه قبل الهروب من ألمانيا لتنطلق بعد العودة من المنفى المرحلة الثانية في تاريخ المدرسة والتي يعتبر أهم ممثليها يورغن هابرماس (1929...) والذي اعتبر الوريث الشرعي لتركة مدرسة فرانكفورت.
2. الأسس الجوهرية لفكر مدرسة فرانكفورت.
لا يمكن فهم النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت إلا بالرجوع إلى الأسس الجوهرية لفكر هذه المدرسة، لكن ما يميز هذه المدرسة عن باقي المدارس الفلسفية و السوسيولوجية الأخرى هو عدم اقتصارها على المرجعية الفلسفية أو السوسيولوجية فقط، فقد تشربت هذه المدرسة من ينابيع جميع العلوم الإنسانية، من الفلسفة "كانط،هيغل..." وعلم الاجتماع "كارل ماركس و ماكس فيبر و هربرت ميد و أوغست كونت...." وعلم النفس"فرويد و جان بياجي ..." والعلوم اللغوية "اوستين..."، لكن لخصوصية الموضوع لن نتكلم إلا عن الأسس الفلسفية"الألمانية بالخصوص" و السوسيولوجية.
أ _الأسس الفلسفية:
يبدو أن مدرسة فرانكفورت أو ما يعرف بالنظرية النقدية اتخذت من النقد أساسا لها، والنقد هو تقليد آلماني قديم وقد تبدى جليا خاصة مع كانط ومن بعده هيغل وأتباع هيغل من بعده "الهيغيلين الشباب" ليصل هذا التقليد إلى مدرسة فرانكفورت، فالنظرية النقدية تكونت انطلاقا من نقد مفكرين و نصوص فلسفية أخرى لأنه بدون استلهام للماضي ومحاورة الحاضر ليمكن اتخاذ أية مسافة نقدية كيفما كانت دلالتها و مقاصدها ويرجع العديد من المهتمين بالنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت أن النقد الكانطي يعتبر مرجعا أساسيا اعتمد عليه أصحاب النظرية النقدية وخاصة في كتبه الرئيسية الثلاثة، نقد العقل الخالص (1781) ونقد العقل العملي(1788) وكتاب نقد ملكة الحكم (1790) .
وقد حاول بعض مفكري النظرية النقدية نحت منحى توفيقيا بين الفلسفة الكانطية والمادية الجدلية (لاسيما في بعديهما المتعالي كما يقول ماركيوز)(5). وانطلاقا من القيمة التي أسستها الكانطية في التاريخ الحديث للفلسفة الكلاسيكية الألمانية، يسعى فلاسفة فرانكفورت إلى تقديم النظرية النقدية التي يجتهدون في بنائها وتوضيحها كوريث شرعي للعقلانية الكلاسيكية منذ كانط.
وإذا كان هناك اختلاف بين الباحثين حول ما إذا كانت فلسفة كانط تمثل إحدى الخلفيات الفلسفية لمدرسة فرانكفورت، فهناك إجماع على أن فلسفة هيغل تمثل مرجعية أساسية لفكر مدرسة فرانكفورت وقد تبين ذالك بوضح في كتابات هربرت ماركيوز وخاصة في كتابه العقل والثورة.
فإذا كان كانط قد أقام فلسفته النقدية لتمييز المعرفة العلمية الصحيحة عن المعرفة الميتافيزيقية التي تؤدي إلى وقوع العقل في التناقض، فان هيغل قد جعل من التناقض جوهرا لفلسفته ومنهجه الجدلي(6).
وقد قام هيغل من خلال منطقه الجدلي، بإدخال العقل في الوعي وفي الطبيعة ثم تجلى في التاريخ، وأصبح هو جوهر التاريخ ومحركه، بل أصبحت العميلة المعرفية نفسها تنموا في مراحل متعددة، وقد قام هيغل أيضا بمهاجمة المعرفة العقلية الخالصة التي فصلت الفكر عن الوجود، كما هاجم هيغل الفلسفة التجريبية الخالصة التي أغفلت السمات العقلية للواقع.
ويُعتبر هيغل حسب منظري مدرسة فرانكفورت هو رائد الفلسفة الاجتماعية نظرا لأنه خلص الفلسفة من القيود الشخصية المفردة، حين ألقى بالوعي في تجربة جماعية وكونية يخوضها الروح منذ اللحظة الأولى التي انفصل فيها عن الطبيعة، وتظهر هذه التجربة في الدين والفن والسياسة وتجد في الفلسفة تعبيراتها المفهومية.
وقد انقسمت المدرسة الهيغلية بعد وفاته إلى جناح يمني وجناح يساري, وقد تمسك الجناح اليميني بالاتجاه المحافظ في مذهب هيغل ووسعه، أما الجناح اليساري فقد طور الاتجاهات النقدية عند هيغل بادئا هذا التطوير بتفسير تاريخي للدين، وقد دخلت هذه الجماعة الأخيرة في نزاع اجتماعي وسياسي متزايد الحدة مع عهد عودة المَلكية، وانتهى أمرها إما إلى الاشتراكية والفوضوية الكاملة وإما إلى الليبرالية التي تحمل طابع البرجوازية المصغرة(7).
وقد تعارضت معايير هيغل النقدية وجدله بوجه خاص، مع الواقع الاجتماعي السائد، ولهذا السبب كان من الممكن أن يسمى مذهبه بحق فلسفة سلبية، وهو الاسم الذي أطلاقه خصومه المعاصرون له، وقد ظهرت في العقد التالي لموت هيغل فلسفة إيجابية أو وضعية ترمي إلى إزالة تأثير اتجاهاته الهدامة وأخذت هذه الفلسفة على عاتقها أن تخضع العقل لسلطة الواقع، وان الصراع الذي حدث بعد ذلك بين الفلسفة السلبية و الايجابية أو الوضعية، ليقدم مفاتيح متعددة تساعد على فهم نشأة النظرية الاجتماعية الحديثة في أوروبا(8).
ب - الأسس السوسيولوجية:
- التأثير الماركسي: من المعروف أن منظري مدرسة فرانكفورت تأثروا بالماركسية حتى اعتبر البعض أن هذه المدرسة ليست إلا فرعا من فوع الماركسية، لكن أصحاب النظرية النقدية و إن تبنوا الماركسية كمبدأ أو كمنهج فإنهم لم يلتزموا بها كليا ولم يتشبثوا بمقولاتها المتمركزة حول نقد النظام الاقتصادي والرأسمالي وحول الأيديولوجيا بصفة عامة، بل تركزت ماركسيتهم على نقد الاغتراب والأسباب الكامنة ورائه في المجتمعات الصناعية القائمة على الكليانية والمعقولية التقنية والبيروقراطية التي ادعت التقدمية وتباهت بالهيمنة على الطبيعة وعلى الإنسان في العالم الشيوعي والرأسمالي، ولم يكن المصدر الأساسي لهذا النقد هو النظرية النقدية برمتها ولا الارتباط بالطبقة العاملة بقدر ما كان التأثر بماركس الشاب خاصة في كتاباته الأولى وتحديدا في مخطوطات 1844، فقد وجدوا في أرائه تأكيدا لاغتراب الإنسان وعرفوا أن نقدهم لها لا ينبغي أن يقتصر على الإصلاح الاقتصادي والسياسي وعلى "وثنيّتها السّلعيّة" ـ حسب تعبيير المفكر الماركسي لوكاش ـ وعقلانيّتها المزعومة التي تقف حجر عثرة أمام كل حياة إنسانية أصيلة. وهذا ما حاول القيام به كل من أدورنوا و هوركهايمر في كتابهما المشترك "جدل العقل". وقد انطلق هابرماس من فكرة أن الماركسية فكر يحتوي على قدرة نقدية هائلة لكل ماهو عام وشامل، وقد طرح في نفس الوقت مشروع إعادة "توجيه الماركسية"(9). وإذا كان ماركس قد قلب الجدل الهيغلي من على رأسه وجعله يسير على قدميه كما يقال فان هابرماس هو أيضا ـ كما يقال ـ قد قلب الماركسية من على رأسها لتسير على قدميها وذلك استنادا على عقلانية ماكس فيبر.
فرغم المكانة التي تحظى بها الماركسية في مدرسة فرانكفورت، فإنها لم تسلم من نقدهم لها وخاصة الماركسية التقليدية والستالينية الدوغمائية، فقد اعتبر رواد المدرسة أن الماركسية لم تعد تواكب التغيرات التي تحدث في العالم الرأسمالي، وأن الرهان على الطبقة العاملة في القيام بالثورات أصبح شبه مستحيل في مجتمع استطاع احتواء هذه الشريحة الواسعة، ليراهنوا على فئات أخرى من قبيل الطلاب والأقليات العرقية كطليعة إستراتيجية للتغير، وهذا ما تبين في أحداث 1968 في فرنسا ورفض الطلاب الأمريكيين الحرب على الفيتنام.
- التأثير الفيبري: تعتبر كتابات ماكس فيبر حول العقلانية من إحدى المرجعيات الأساسية لمدرسة فرانكفورت، وقد ظهرت بوضوح في كتابات ماركيوز وخاصة في كتابه الإنسان ذو لبعد الواحد، وبالأخص في حديثه عن منطق الهيمنة، وهو المفهوم الأساسي الذي أضحى مبدأ جوهريا مميزا لمدرسة فرانكفورت في أوج ازدهارها، وهو أن السيطرة على الطبيعة من خلال العلم و التكنولوجيا تنشئ بالضرورة شكلا جديدا من التسلط على البشر(10).
ويمكن أن ندرج وجهين رئيسيين للتشابه بين مدرسة فرانكفورت وكتابات فيبر:
ـ الوجه الأول: هو أن العقلانية التقنية أو الترشيد قد تم تصورهما كقوى مجردة تشكل مجتمعا يقع خارج نطاق التحكم البشري، حيث أن المنطق الداخلي للنظام الذي خلقه العلم والإدارة العقلانية يقوم بهذا العمل على نحو ما من وراء ظهر الأفراد أو الجماعات الاجتماعية المعينة وأنه يقوم بهذا العمل أيا كان الشكل الظاهري للمجتمع، أي بصرف النظر عما إذا كان المجتمع رأسماليا أو اشتراكيا شموليا أو ديمقراطيا، وبهذا المعنى، يتم إحلال مفهوم "المجتمع الصناعي" محل "المجتمع الرأسمالي".
فماركيوز قد برهن على مقولات فيبر بقوله (... ليس تطبيق التكنولوجيا فحسب، بل التكنولوجيا نفسها، هي التي تمثل تسلطا على الطبيعة والإنسان بطريقة منهجية علمية ومحسوبة وماكرة، وان الأهداف والمصالح المحددة لهذا التسلط لا يتم دسها على التكنولوجيا فيما بعد ومن الخارج، وإنما هذا يدخل في تصميم بناء الجهاز التقني)(11).
ـ أما الوجه الثاني : يمكن العثور على وجه التشابه في النزعة التشاؤمية الكئيبة التي تنشأ من تفسيرهما للمجتمع الصناعي الحديث، فإذا كان فيبر ليبرالي يائس ـعلى حد تعبير توم بوتومورـ فان مفكري مدرسة فرانكفورت و"ماركيوز بالخصوص" يمكن وصفهم بأنهم "راديكاليون يائسون" ـ حسب بوتومور ـ فمنظري فرانكفورت وماكس فير يرون أن التوسع الأكثر أو الأقل قسوة للترشيد والعقلنة يعني أن المجتمع سيصبح عرضة للتسلط من جانب علاقات اجتماعية ذرائعية محضة، وسيصبح "قفصا حديديا" ودولة "للتحجر الآلي" تختنق فيه الإبداعية الفردية والقيم الشخصية(12).
إن تشاؤمية ماركيز، و هوركهايمر فيما يخص مصير الفرد، هي من نفس تشاؤمية فيبر، فالعقلانية التقنية، أي العقل الذرائعي، هو الذي يسود الحياة الاجتماعية وان بقيت قوى قليلة تعارضها، وهذا ما يخلص إليه ماركيوز في كتابه "الإنسان ذو البعد الواحد".
وإذا كان الرواد الأوائل لمدرسة فرانكفورت قد اعتمدوا على كتابات ماكس فيبر وكارل ماكس... فان هابرماس كأحد رواد الجيل الثاني من المدرسة لم يكتفي بكتابات ماكس و ماركس، بل انفتح على كتابات سوسيولوجين آخرين من قبيل هربت ميد وايمل دوركايم، فحسب هابرماس فان مفهوم التواصل بوصفه نظرية علمية قد بدأ مع السوسيولوجي هربرت ميد في نظريته المرتبطة بالتفاعل الرمزي، إذ دافع ـ هابرماس ـ عن فكرت أن التواصل هو المبدأ المؤسس للمجتمع، أما فيما يما يخص دوركايم فيتجلى فكره بوضوح في كتبات هابرماس حول كيفية دمج الفرد في مجتمع طغت فيه القيم الفردانية، ويظهر ذلك في حديث هابرماس عن الفضاء العام وكيفية تحقيق الديمقراطية، ففي كتابه "نظرية الفعل التواصلي" يخصص فصلا مطولا للحديث عن دوركايم وميد ، يقول هابرماس (إن تحول البراديغم الذي انتقل من الفعل الغائي إلى الفعل التواصلي بدأ مع ميد ودوركايم، فماكس فيبر وإميل دوركايم وهربرت ميد، ينتمون إلى جيل المؤسسين للسوسيولوجيا الحديثة)(13).
يتبع في الجزء الثاني من هذه الدراسة المنطلقات الفكرية النقدية للمدرسة من قبيل: نقد النزعة الوضعية الحديثة والتجريبية ـ نقد المجتمع الاستهلاكي ...
خالد مخشان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع والمصادر
PAUL LARANT ASSOUN : L’ECOLE DE FRANCFORT -;- 2 EDITION : 1990. PARIS : P 5 -1
22- حسن مصدق: يورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2005: ص27
3 - نفسه: ص 28
4- PAUL LARANT ASSOUN : op. Cit : P 7
55 - محمد نور الدين أفاية: الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة نموذج هابرماس، إفريقيا الشرق، الطبعة الثانية المغرب 1998: ص 22
66- هربرت ماركيوز: العقل والثورة هيغل ونشأة النظرية الاجتماعية ، ترجمة فؤاد زكرياء، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1970 : ص248
7- نفسه: ص 26
88 علاء طاهر: مدرسة فرانكفورت من هوركهايمر إلى هابرماز، منشورات الإنماء القومي، بيروت الطبعة الأولى بدون تاريخ : ص 95
99ـ توم بوتومور: مدرسة فرانكفورت، ترجمة سعد هجرس، دار أويا، طرابلس، ليبيا، 1998 : ص 78
10ـ نفسه : ص 79
11ـ نفسه : ص 80
122ـ محمد الأشهب: الفلسفة والسياسة عند هابرماس، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب 2006 : ص 17
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق