الاثنين، 24 يوليو 2017

نظرية التعلق -ج2

نظرية التعلق

نظرية تصف طبيعة العلاقات طويلة المدى بين البشر،

الهدف من نظرية التعلق السلوكي عند الطفل هو الاحتفاظ أو تحقيق التقارب إلى مُقدمي الرعاية، وعادة ما يكون الأباء هم مُقدمي الرعاية.

نظرية التعلق هي نظرية تصف طبيعة العلاقات طويلة المدى بين البشر، وتعتقد بأن الطفل بحاجة إلى تكوين علاقة مع شخص واحد على الأقل من مُقدمي الرعاية لكي يحصل على النمو العاطفيوالاجتماعي بطريقة طبيعية. فهي تشرح كيف تؤثر علاقة الطفل بأبويه على نموه.[1] نظرية التعلق هيدراسة متعددة التخصصات، حيث تشمل نظريةالتطور وعلم النفس ونظريات علم السلوك الحيواني. وشكلت شريحة الأطفال المشردين والأيتام مشاكل كبيرة عقب الحرب العالمية الثانية.[2] وأشارتمنظمة الأمم المتحدة عقب ذلك إلى الطبيبوالمحلل النفسي جون بولبي بكتابة كتيب حول هذا الموضوع،[3] والذي يحمل عنوان حرمان الأمومة. وقد تطورت نظرية التعلق كنتيجة لأبحاث بولبي التي تلته.

يتعلق الطفل الرضيع بالأشخاص ذوي الحس المرهف واللذين يستجيبون معه في التفاعلات الاجتماعية، والذين يظلون كمُقدمي رعاية بصفة مستمرة لبضعة أشهر خلال الفترة من 6 أشهر إلى عامين. عندما يبدأ الطفل بالحبو والمشي، يبدأ بإتلاف مقتنيات مُقدمي الرعاية كقاعدة آمنة ينطلق منها لاستكشاف ما حوله والعودة إليهم. تُؤدي استجابات مُقدمي الرعاية للطفل إلى تكون أنماط مختلفة من التعلق، والتي بدورها تُؤدي إلى تكوين نماذج داخلية لدى الطفل التي توجه إدراكه الحسي الفردي وأفكاره ومشاعرهوتوقعاته في علاقاته الاجتماعية عند الكبر.[4]ويعتبر قلق الانفصال والحزن الشديد اللذان يتبعان فقدان مُقدم الرعاية رد فعل طبيعي وتكيفي من الطفل المتعلق حديثًا.[1] وكلما تطورت هذه السلوكيات كلما زادت إمكانية معافاة الطفل.[4]

يرجع سلوك الطفل وثيق الارتباط بالتعلق إلى سعيه في المقام الأول إلى التقرب من رمز التعلق. ولصياغة نظرية شاملة حول طبيعة الترابط السابق لأوانه، بحث بولبي في مجالات عدة، بما في ذلك علم الأحياء التطوري، ونظرية العلاقة بالموضوع،[5]فرع التحليل النفسي ونظرية الأنظمة ومجالات علم سلوك الحيوان وعلم النفس المعرفي.[6] وبعد وثائق أولية بدءًا من عام 19588، نشر بولبي دراسة شاملة في ثلاثة مجلدات في الفترة من 1969 حتى 1982، على الترتيب: التعلق والانفصال والفقدان.[7]

قدمت عالمة النفس التطويري ماري أينسورث بحثًا فيما بين 1960 و19700، والذي يعزز بدوره المفاهيم الأساسية للنظرية، وقدمت مفهومالقاعدة الآمن[8] وطورت منهج لعدد من أنماط التعلق عند الأطفال: التعلق الآمن والتعلق الانطوائي والتعلق القلق/المشوش. وفي وقت لاحق، تمت إضافة نمط رابع للتعلق وهو التعلق المشوش أو غير المنتظم.[9] وفي عام 19800 امتدت النظرية لتشمل التعلق عندالبالغين،[10] فسرت علاقات أخرى كإحدى مكونات  سلوكيات التعلق. وتشمل هذه التفسيرات علاقات الأقران في كل الأعمار، الجاذبية العاطفية والجنسية، واستجابات لذوي الاحتياجات من الأطفال أو المرضى وكبار السن.

وفي بداية ظهور النظرية، نقد علماء النفس الأكاديميي نظرية بولبي ونبذه مجتمع التحليل النفسي لانحرافه عما تؤمن به مدرسة التحليل النفسي.[11] وعلى الرغم من ذلك، أصبحت نظرية  التعلق المنهج السائد الذي يشرح التطور الاجتماعي المبكر، حيث أنه أعطى الفرصة لتدفق هائل فيالبحث التجريبي في تكوين العلاقات الحميمة عند الأطفال.[12] وقد وُجهت انتقادات للنظرية بعد ذلك  والتي تتعلق بحساسية وتعقيد العلاقات الاجتماعية والقصور الذي تسببه التصنيفات غير المترابطة من أنماط التعلق.[11] وقد عُدلت نظرية التعلق بشكل  كبير كنتيجة للبحث التحليلي، لكن أفكارها أصبحت مقبولة عمومًا. وشكلت نظرية التعلق قواعد لعلاجات جديدة وأعادت تكوين ما كان موجودًا من قبل، واستخدمت أفكارها في صياغة السياسات الاجتماعية ورعاية الطفل لدعم علاقات التعلق المبكرة لدى الأطفال.[13]


نظريات مبكرةعدل

عُرف مفهوم التعلق العاطفي عند الأطفال بمُقدمي الرعاية بالحكاية عبر مئات السنين. في أواخر القرن التاسع عشر وما بعده، اقترح علماء النفس وعلماء الأمراض النفسية نظريات عن وجود وطبيعة العلاقات المبكرة.[78] أعطت نظرية سيجموند فرويد المبكرة القليل عن علاقة الطفل مع الأم، والتي تفترض أن ثدي الأم هو مصدر الحب.[79] ونسب لها  علماء نظرية فرويد محاولات الطفل للبقاء بقرب الشخص المألوف له إلى دافع تعلمه من خلال التغذية وإشباع الرغبة الجنسية.[80] وفي  الثلاثينات، أكد عالم النفس التطوري أيان سوت أن احتياج الطفل إلى العاطفة هو احتياج أساسي، ولا يعتمد على الجوع أو الإشباعات الجنسية.[81] ثم أكد  عالم النفس الكندي ومعلم ماري أينسورث، ويليام بلاتز على أهمية تطوير العلاقات الاجتماعية. وأكد بلاتز أن الحاجة إلى الأمان ما هي إلا جزء طبيعي موجود بالشخصية، مثل استخدام الآخرين كقاعدة آمنة.[82] وقد ركز الباحثون في فترة الأربعينات وما  بعدها على القلق الناتج عن التهديد بالانفصال عن مُقدم الرعاية المألوف عند الأطفال والرضع.[83]

كانت الاعتمادية نظرية سائدة في وقت تطور نظرية التعلق لبولبي. وتفترض هذه النظرية أن الطفل يعتمد على مُقدمي الرعاية البالغين، ولكنها تزداد مع نمو الطفل خلال فترة الطفولة المبكرة؛ وهكذا تصبح فترة سلوك التعلق متردية عند الأطفال الأكبر سنًا.  وأيضًا تضيف أن الأطفال الأكبر سنًا والبالغين يستبقون سلوك التعلق، ويظهرونه فقط عند المواقف شديدة الضغط. بينما في الواقع، يعتمد التعلق الآمن بالاستكشاف المستقل أكثر من الاعتمادية.[84] وطور  بولبي نظرية التعلق كنتيجة لعدم رضاه عن النظريات الموجودة عن العلاقات المبكرة.[2]

الحرمان من عاطفة الأمومةعدل

وقت الصلاة في منزل الخمس نقاط في حضانة بها حجرات نوم داخلية، 1888. تم نشر نظرية الحرمان من الأمومة في عام 1951،[85] والتي  سببت بدورها ثورة في استخدام الحضانات الداخلية.

أثرت الفكرة الأولية لمدرسة التحليل النفسي نظرية العلاقة بالموضوع لميلاني كلاين على وجه الخصوص على بولبي.[86] ومع ذلك، رفض بولبي  معتقد التحليل النفسي السائد بأن الطفل يستجيب تبعًا لخياله الداخلي أكثر من أحداث الحياة الواقعية.  وتأثر بولبي عند صياغته لمفاهيم نظريته بدراسة حالات المذنبين والأطفال المهملين والمضطربين، مثل تلك التي كانت مع ويليام جولدفار، والتي تم نشرها بين عامي 19343 و1945.[87][88]

لاحظ رينيه سبيتز، الذي عاصر بولبي حزن الأطفال المنفصلين، وافترض أن نتائج السمو النفسي قد تم وضعها عن طريق خبرات غير متسقة عن الرعاية المبكرة.[89][90][91] وكان للفيلم السينمائي الذي عرضه المحلل النفسي جيمس روبرتسون عن آثار الانفصال على الأطفال في المستشفى تأثيرًا كبيرًا. واشترك كل من روبرتسون وبولبي في عمل الفيلم الوثائقي ذو العامين الذي يذهب إلى المستشفى عام 1952،[92] والذي كان وسيلة لحملة تهدف إلى تغيير قوانين زيارات الأباء للملجأ.[93][94]

وفي رسالته العلمية باسم رعاية الأمومة والصحة العقلية لمنظمة الصحة العالمية عام 1951،[95] قدم  بولبي افتراض أن الرضيع أوالطفل يجب أن يشعر بالدفء والحميمية، ويواصل علاقته بأمه أو بأم بديلة مؤقتة لكي يحصل كل منهما على الاستمتاع والإشباع، لأنه يترتب على عدم تلبية هذه المتطلبات عواقب وخيمة على الصحة العقلية. وقد تم نشر هذه الدراسة باسم رعاية الطفل ونمو الحبللاستهلاك الجمهوري.[96] كانت النظرية الرئيسية مؤثرة ولكنه كان تأثيرًا عكسيًا.[97] في ذلك الوقت، لم يكن هناك قاعدة بيانات تجريبية كافية، ولا يوجد منهج واضح لمثل هذه الاستنتاجات.[98] على الرغم  من ذلك، أثارت نظرية بولبي اهتماما يجدر تضمينه في طبيعة العلاقات المبكرة، وأعطى دافعًا قويًا لوجود هيكل عظيم للبحث، كما قالت أينسورث، في منطقة معقدة وصعبة جدًا.[97] إن عمل بولبي وأفلام  روبرتسون كانت سببًا في ثورة جذرية في زيارات المشفى التي يقوم بها الآباء، مع توفير ألعاب للأطفال بالمستشفى، مع الاحتياجات التعليمية والاجتماعية واستخدام حجرات نوم داخلية. بمرور الوقت، تم التخلي عن دور الأيتام بفضل زيادة  الرعاية أو وجود المنازل التي تأخد شكل العائلات في معظم الدول النامية.[99]

صياغة النظريةعدل

 

يكون استكشاف الطفل أكبر عندما يتواجد مُقدم الرعاية؛ وفي وجود مُقدم الرعاية يكون نظام التعلق في ارتياح ويشعر بالحرية في الاستكشاف.

بعد نشر رعاية الأمومة والصحة العقلية، سعى بولبي إلى فهم الجديد في مجلات علم الأحياء التطوري، وعلم السلوك الحيواني وعلم النفس التطوريوالعلوم الاستعرافية ونظرية الأنظمة. صاغ بولبي  نظرية ابتكارية تعتمد على الآليات التي تشكل أساس الرابط العاطفي بين الطفل ومُقدم الرعاية، والتي تنشأ كنتيجة لازدياد الضغط.[2] شرع بولبي  في تطوير نظرية للتحفيز والتحكم السلوكي، مبنية على العلوم بدلًا من نموذج الطاقة النفسي لفرويد.[8] ناقش بولبي أنه عن طريق نظرية التعلق، قد قام بتطوير نقصان البيانات والمنهج لربط السبب المزعوم والنتيجة في رعاية الأمومة والصحة العقلية.[100]

بدأ الأصل الرسمي للنظرية مع نشر مقالين في عام 1958، الأول كان لبولبي تحت اسم طبيعة علاقة الأم بطفلها، والذي كان بادرة لمفاهيم التعلق؛ والثاني كان لهاري هارلو باسم طبيعة الحب. اعتمد هارلو على التجارب التي أثبتت أن طفل الريص يبدأ في  تكوين علاقة عاطفية مع الأمهات البديلة، التي لا تقدم الطعام، ولا يكون علاقة عاطفية مع الأمهات البديلة، التي تكون مصدرًا للطعام، ولكن بالوقت نفسه تكون أقل تفهمًا وتعاطفًا مع لمسه.[28][101][102] تبع مقال بولبي الأول بمقالين آخرين؛ الأول باسم قلق الانفصال، والثاني باسمالحزن والاكتئاب في مرحلتي الرضاعة والطفولة المبكرة في عام 1960.[103][104] وفي نفس الوقت،  كانت ماري أينسورث قد استعانت في إنهاء دراستها الموسعة، التي تعتمد على ملاحظة طبيعة التعلق عند الأطفال في أوغندا،[8] بنظريات بولبي في علم  السلوك الحيواني. تم تقديم نظرية التعلق أخيرًا باسم التعلق في عام 19699، كان المجلد الأول من هذه الثلاثية يحمل اسم التعلق والضياع؛[105] بينما المجلد الثاني باسم قلق الانفصال والغضب والضياع؛[106] والثالث تحت عنوان الفقدان:الحزن والاكتئاب،[107] واللذين تم نشرها في عامي  1972 و1980 على التوالي. وقد تم مراجعة التعلق في عام 19800، لدمجه في بحث لاحق.

جاءت نظرية التعلق في الوقت الذي كانت تؤكد فيه المرأة على حقوقها في المساواة والاستقلالية، مما أعطى الأم سببًا جديدًا للقلق. وجدير بالذكر أن نظرية التعلق ليست محددة بين الجنسين، إلا أنه قد وُجدت شريحة كبيرة من الأمهات في الثقافة الغربية قد ألقين المسئولية على رعاية الطفل المبكرة. لذلك تم إلقاء اللوم على الأمهات والمنظمات الاجتماعية التي تركت هذه المشكلة تتفاقم بسبب نقص التنشئة السليمة. وقد تم اتحاد القوى المعارضة لنظرية التعلق حول هذا الموضوع.[108] وانتقد حقوقيين نسويين الافتراض بقدرية التركيب البنيوي، والذي  يعتبرونه مضمنًا في افتراضية الحرمان من الأمومة.[109]

علم السلوك الحيوانيعدل

  مقالة مفصلةعلم سلوك الحيوان

جذب علم السلوك الحيواني أو ما يُعرف الإيثولوجيا انتباه بولبي أولًا عندما قرأ مسودة كونراد لورنتسعام 19522، على الرغم من أن لورنز كان قد نشر أعمال سابقة،[110] إضافة إلى تأثيرات هامة أخرى تمثلت في عالمي السلوك الحيواني نيكولاس تينبرغن وروبرت هايند،[111] ثم تعاون بولبي مع الأخير.[112] أكد بولبي في عام 1953 أنه «قد حان الوقت لاتحاد مفاهيم التحليل النفسي مع مفاهيم علم السلوك الحيواني، بغية الحصول على نتائح بحثية مثمرة جراء هذا الاتحاد».[113] قام لورنز بدراسة فاحصة لظاهرة التطبع، وهي سمة سلوكية عند بعض الطيور والثدييات، والتي تتضمن سرعة التعلم الإدراكي من قبل الصغار، من نفس النوع أو مثيله. وتأتي بعد الادراك نية الإتباع.

يكون التعلم ممكن فقط خلال مدى عمري مُحدد معروف بالمرحلة الحرجة. تتضمن مفاهيم بولبي فكرة أن التعلق يشتمل على التعلم من الخبرات خلال فترة عمرية محددة، متأثرة بسلوك البالغين. فهو لم يضف مفهوم البصمة بشكله الشامل للتعلق البشري. على الرغم من أنه أفضل تفسير لسلوك التعلق على أنه غريزي، يشتمل على تأثير الخبرة، مركزًا على استعداد الطفل للتفاعلات الاجتماعية.[114] وبمرور الوقت، اتضح وجود  اختلافات أكثر من التشابهات بين نظرية التعلق والبصمة، لذلك سقط التشابه الجزئي بينهما.[11]

 

هذا الموظ طور تعلقًا مع مُقدم الرعاية خاصته.

عبر علماء السلوك الحيواني عن بعض التحفظات بالنسبة لملائمة بعض أجزاء البحث، والذي تعتمد عليه نظرية التعلق، خاصة التعميم على البشر من خلال الدراسة على الحيوانات.[115][116] ناقش شور استخدام بولبي لمفاهيم إيثولوجية قبل عام 19600، معقبًا على أن المفاهيم المستخدمة في نظرية التعلق لا تناسب التغييرات في علم السلوك الحيواني نفسه.[117] وقد حللت ووسعت كتابات علماء السلوك  الحيواني وغيرهم في الستينات والسبعينات أنواع السلوك الذي يُستخدم كإشارة للتعلق.[118] وبدورها  أضافت الدراسات التي تعتمد على ملاحظة الأطفال الصغار في محيط طبيعي بعض السلوكيات التي تُشير إلى التعلق؛ على سبيل المثال، البقاء في مكان قريب من الأم بدون بذل جهد منها للتواجد بقربه والتقاط أشياء صغيرة، وإحضارها للأم وليس للآخرين.[119] على الرغم من أنه من المفترض أن  علماء السلوك الحيواني على توافق مع بولبي، قد طالبوا بمزيد من المعلومات، واعترضوا على كتابات علماء النفس لكون هذا المسمى بالتعلق متواجد أكثر من وفوق مقاييس الملاحظة.[120] اعتبر روبرت هايند أن نظام سلوك التعلق هو تعريف مناسب حيث  أنه لا يقدم المشكلات نفسها لأنه يُشير إلى نظم التحكم التي تُعرف العلاقات بين أنواع السلوك المختلف.[121]

التحليل النفسيعدل

  مقالة مفصلةتحليل نفسي

 

جزء من مدرسة للأطفال باليابان في الحرب العالمية الثانية، مأخوذة من كتاب الطريق إلى الكارثة.

أثرت مبادئ التحليل النفسي على نظرية بولبي في التعلق، وعلى الأخص، الملاحظات التي قامت بها أنا فرويد ودوروثي بارلينجهام على الأطفال الصغار عند انفصالهم عن مُقدمي الرعاية المألوفين خلال الحرب العالمية الثانية.[122] مع ذلك، رفض بولبي بعض  التفسيرات التحليلية النفسية لعلاقة الرضيع المبكرة المتضمنة نظرية الدافع، التي تفترض أن الدافع للتعلق ناتج عن إشباع غريزة الجوع والرغبات الجنسية، وقد أسماها نظرية الحب الكاذب الخاصة  بالعلاقات. وفشلت هذه النظرية في إظهار رؤية التعلق كرابط نفسي لصالحها بدلًا من كونها غريزة ناتجة عن دافع الجوع أو الجنس.[123] واعتمادًا على أفكار بدائية من التعلق والداروينية الجديدة،[124] عرف بولبي ما رآه بأنه عيوب أساسية في منهج التحليل النفسي.

كانت أول العناصر هي الشرح باستفاضة عن الأخطار الداخلية بدلًا من شرح التهديد الخارجي؛ ثانيًا الاعتقاد بأن الشخصية تتطور عن طريق مراحل خطية مع التراجع عند نقاط معينة اعتبارًا للضغط النفسي. عوضًا عن ذلك، اقترح إمكانية وجود عدة خطوط للتنمية، والتي تكون الحصيلة التي يتعمد عليها التفاعل بين النظام والبيئة. وعلى الرغم من أن تطوير الطفل له نزعة طبيعية في تكوين التعلق، فإن طبيعة هذه التعلقات تعتمد على البيئة التي يتعرض لها الطفل.[125]

ظهر انتقاد للنظرية يناقش التطور المبكر لنظرية التعلق وفقر انسجامها مع فروع التحليل النفسي المختلفة. وكانت قرارات بولبي قد جعلته فريسة سهل الانتقاد من مفكرين متمكنين يبحثون في المشاكل نفسها.[126][127][128] ولذلك نُبذ بولبي بشدة من مجتمع التحليل النفسي.[11]

نموذج العمل الداخليعدل

استعار بولبي مفهوم نموذج العمل الداخلي في العلاقات الاجتماعية من أعمال الفيلسوف كينث كريك. سجل كريك قدرة العقل التكيفية في توقع وقوع الأحداث، وركز على قيمة البقاء والانتخاب الطبيعي التي تؤثر على هذه القدرة. ويحدث التوقع عندما يستخدم نموذج القياس الصغير الذي يحتوي  على أحداث مخزنة في العقل، والذي يستخدم في مواجهة البيئة الخارجية والأفعال الفردية. ويسمح هذا النموذج للشخص بتجربة البدائل ذهنيًا باستخدام معرفة الماضى في الاستجابة للحاضر والمستقبل. وفي نفس الوقت تقريبًا، طبق بولبي أفكار كريك في التعلق، كما طبقها علماء نفس آخرين على معرفة وإدراك البالغين.[129]

علم التحكم أو السِبرانيةعدل

  مقالة مفصلةسيبرنيطيقا

تطورت نظرية النظم المرئية أو ما يُعرف بالسِبرانية، خلال الثلاثينات والأربعينات، والتي أثرت في تفكير بولبي.[130] يرى بولبي أن حاجة الطفل إلى البقاء بقرب رمز التعلق ما هو إلا أداة للتوازن مع الحاجة  إلى الاستكشاف. وقارن بولبي هذه العملية مع التوازن النفسي والتي عن طريقها، على سبيل المثال، يُمكن الحفاظ على ثبات ضغط الدم في حدود  معينة. ويُغير الطفل هذه المسافة عندما يتغير توازن احتياجات الطفل. على سبيل المثال، عند وصول شخص غريب، أو جرح ما، ربما تجعل الطفل يكتشف  المسافة، فيسعى للقرب. إن هدف الطفل ليس مُقدم الرعاية لكنها حالة؛ وهي الحفاظ على المسافة المرجوة من مُقدم الرعاية معتمدًا على الظروف المحيطة.[2]

التطور المعرفيعدل

أثار اعتماد بولبي على نظرية جان بياجيه في  التطور المعرفي تساؤلات عن بقاء الشيء أو القدرة على تذكر الأشياء على الرغم من غيابها مؤقتًا في سلوكيات التعلق المبكر. إن قدرة الطفل على معرفة الغرباء ورد فعله على غياب الأم بدا وكأنه يحدث في شهور مبكرة عما اقترحه بياجيه، وقد يحتمل حدوثة معرفيًا.[131] وقد سُجل أن فهم الصورة  الذهنية قد تحسن كثيرًا منذ أن قدم بولبي آراءه، والتي كانت أكثر تحديدًا من النظريات التي ظهرت في وقته.[132]

السلوكيةعدل

  مقالة مفصلةسلوكية

في عام 1991، ناقش جيروتز كيفية تعزيز الأم والطفل لبعضهما إيجابيًا من خلال الاهتمام الإيجابي المشترك بينهما، وبذلك يتعلمون البقاء معًا، وربما يفترض هذا التفسير غير الضروري أن الصفات الفطرية للبشر تعزز التعلق.[133] ترى نظرية التعلم أو ما يُعرف بالسلوكية أن التعلق هو أحد توابع  الاعتمادية بالتساوي في كون التعلق مجرد استجابة لتلميحات مُقدم الرعاية. يرى علماء السلوك أن سلوك البكاء هو نشاط عشوائي لا يعني شيء حتى تشجعه استجابة مُقدم الرعاية. يفترض السلوكيون أن الاستجابات المتكررة ربما تُنتج زيادة في البكاء. وبالنسبة لواضعي نظرية التعلق، فإن البكاء ما هو إلا سلوك تعلق ملازم للولادة، ويجب الاستجابة له إذا قام به الطفل للمحافظة على تنمية الأمان العاطفي لديه. وبدورها تُنتج الاستجابات الواعية الأمان الذي يقوي الاستقلالية، ويتضح ذلك في التقليل من البكاء. ودعمت أبحاث أينسورث في بالتيمور وجهات نظر واضعي النظرية.[134]

يرفض علماء السلوك هذا التفسير كليًا، ولذلك استخدموا مقاييس مختلفة للتحليل، فهم يعتقدون أن السلوكيات كاحتجاج الطفل على الانفصال تنتج عن تأثيرات خبرات التعلم. عندما يتم توجيه الأم  بتجاهل بكاء الطفل، وبأن تستجيب فقط لنداء الطفل للعب، يكف الطفل عن البكاء والاحتجاج وينهمك في سلوك اللعب. فيما ينتج قلق الانفصال من خلال تفاعلات يراها العلماء على أنها سلوكيات متعلمة تنتج عن قصور في التفاعل مع المواقف الطارئة. ويحدث مثل هذا القصور في التفاعل عن طريق التردد من جانب الأم، والذي يفقد تأثيره فيما بعد في كونه تفاعل مؤثر.[135] يرى علماء  السلوكيات التعلق كظاهرة نظامية أكثر من كونها استعدادًا بيولوجيًا. عرضت مجموعة باترسون أن في بيئات غير محددة أنه ربما يتسبب النقص في التعرض لعلاقات طارئة في التعلق والحساسة تجاه مثل هذه العلاقات.[136] وفي العقود الأخيرة، طرح  علماء السلوكيات نماذج من التعلق تعتمد على أهمية العلاقات العارضة. وقد تلقت هذه النماذج السلوكية التحليلية بعض الدعم من البحث،[137] ومن وجهات نظر ما وراء التحليلية.[138]

تطوراتعدل

خلال تطور وضع نظرية التعلق، ظهر نقدٌ لدعم البحث التجريبي للنظرية، وتم افتراض تفسيرات محتملة بديلة لنتائج البحث التجريبي.[139] وبالمثل  تم رفض افتراض تفسيرات بولبي لمعلومات جيمس روبرتسون من قبل الباحث الذي قدم تقريرًا عن 13 طفلًا مُعتنى بهم بطريقة مثالية بدلًا من المؤسسات العامة عند الانفصال عن أمهاتهم.[140] اعترف بولبي في مجلده الثاني من الثلاثية الانفصال أن دراسة  روبرتسون قد ساعدته في تعديل وجهات نظره عن تأثير نتائج الصدمة عند الانفصال، والتي أضافت ثقلًا في تأثير الرعاية التي تتطلب المهارة من بديل مألوف.[141] في عام 19844، اعتمد سكيوز في نقده لعمل آنا فرويد على أطفال من معسكر اعتقال بتيريزينشتات، والذين يبدو أنهم قد نموا نموًا طبيعيًا نسبيًا، على الرغم من الحرمان الشديد الذي تعرضوا له في السنوات المبكرة. وختمه بتوقع مميز للأطفال اعتمادًا على هذه الخلفية، وهذا إذا لم تتواجد عوامل خطر بيولوجي.[142]

جادل بولبي بأن الرضع مخلوقات اجتماعية، وأنهم العامل الأساسي في خلق علاقات مع الآباء، والتي تأخذ بعض الوقت لتقبلها. كما شرحت أينسورث أهمية وأسبقية التناغم الأمومي في التطور النفسي، وقد ناقش هذه النقطة أيضًا دونالد وينيكوت. وفي السبعينات، قام دانيال ستيرن ببحث على مفهوم  التناغم بين الرضع ومُقدمي الرعاية باستخدام التحليل الجزئي لدليل مسجل فيديو. ووضح هذا البحث أهمية فهم التعقيدات في تفاعلات الطفل مع مُقدم الرعاية كجزء متمم للتنمية العاطفية والاجتماعية.[143] وفي السبعينات، ظهرت مشاكل  عدة بسبب النظر إلى التعلق على أنه سمة متأصلة في الفرد، أكثر من كونها نوع من السلوك الذي يتميز بوظيفته المنتظمة ونتائجه أيضًا، والتي قادت بعض الكتاب إلى الاستنتاج بأن سلوكيات التعلق يُمكن فهمها من خلال وظيفتها في حياة الطفل.[144] ترى  تلك الطريقة مفهوم القاعدة الآمنة على أنه مركز نظرية التعلق ومنطقيته وترابطه، ويُصنفها كمنشأ تنظيمي.[145] وتبع هذه المناقشة، فحص المفهوم  الذي يعتقد بأن التعلق يُمكن التعبير عنه على نحو متطابق عند كل البشر باختلاف الثقافات.[146] أظهر  البحث أن الاعتقاد بأن هناك اختلافات ثقافية يُمكن أن تضمن وجود الثلاثة أنماط الأساسية وهي الآمن والانطوائي والمشوش في كل ثقافة، والتي يُمكن أن يقوم على أساسها دراسات عدة. ووُجد اختيار النمط الآمن في أغلب الأطفال في مختلف الثقافات التي تمت دراستها. وهذا بدوره يتبع الحقيقة التي تقول أن نظرية التعلق تدعم الأطفال للتكيف مع التغيرات البيئية التي تحدث مع اختيار إستراتيجيات السلوكيات الأفضل.[147] تبين كيفية التعبير عن  التعلق الاختلافات الثقافية التي تحتاج إلى التأكد منها قبل إجراء الدراسات؛ على سبيل المثال، يحيي أطفال جوسي بالمصافحة بدلَا من العناق. ينتظر ويسعى أطفال جوسي المتعلقين بأمان إلى هذا التعلق. هناك أيضَا اختلافات في تصنيف الأنماط غير الآمنة، والتي تعتمد على اختلافات ثقافية في ممارسة تربية الطفل.[147]

جاء التحدي الأكبر لمفهوم العالمية في نظرية التعلق من خلال الدراسات التي أجريت في اليابان، حيث يلعب مفهوم تشريح التبعية دورًا كبيرًا في وصف العلاقات الأسرية.[148] قامت مناقشات حول ملائمة  استخدام إجراء الموقف الغريب حيث يتم اختبار تشريح التبعية. يميل البحث الأساسي إلى قبول افتراض عالمية نظرية التعلق.[147] كشفت الدراسة التي أجريت في سابورو في اليابان عام 20077 أن  تصنيف التعلق ينسجم مع معايير عالمية باستخدام نظام النقاط للأعوام الست لمين وكاسيدي في تصنيفات التعلق.[149][150]

اهتم النقاد في التسعينات عمومًا مثل جوديث ريتش هاريس وستيفن بينكر وجيروم كاجان بمفهوم حتمية الطفولة، والتي تؤول إلى أن الطبيعة تقابل التربية،[48] وركزوا على آثار الخبرات التالية على الشخصية.[151][152][153] وبناءً على عمل ستيلا تشيس على موضوع المزاج،[154] رفض كاجان تقريبًا كل افتراض اعتمد عليه علم أسباب الأمراضبنظرية التعلق؛ وناقش أن الوراثة هي أكثر أهمية من  التأثيرات المكتسبة من البيئة المبكرة. وعلى سبيل المثال، لا يُظهر الطفل المتأصل فيه طبع الحساسية الشديدة الاستجابات الحساسة من مُقدم الرعاية. أنتجت المناظرة بحثًا هامًا، وحللت المعلومات المؤكدة عن تزايد أعداد الدراسات الطولية.[155] لم  يؤيد البحث التالي حجة كاجان، بل أكد بوضوح أن سلوك مُقدم الرعاية هو المحدد لنوع التعلق، وأردف قائلًا أنه كيفما عبر الطفل عن تعلقه قد يختلف هذا التعبير عن طباعه المتأصلة فيه.[156] وعرض  هاريس وبينكر فكرة أن تأثير الوالدين على الطفل مبالغ فيه كثيرًا، وناقشوا أن فكرة الاجتماعية تحدث  بشكل أولي من خلال جماعات الأقران. واختتمها هـ. رادولف شافر قائلًا أن الوالدين والأقران لهم وظائف مختلفة، تتمركز في إشباع دور الغرائز في تنمية الطفل.[157]

تطورات حديثةعدل

حينما تأثر بولبي بآراء بياجته في تفكير الأطفال، استعان دارسو التعلق الحديث بآراء من الأدب المعاصر في المعرفة الضمنية ونظرية العقل وذاكرة السير ذاتية والأفكار الاجتماعية.[158] حاول علماء التحليل النفسي وعلم النفس بيتر فوناجي[159] وماري تارجت إحضار نظرية التعلق ونظرية التحليل النفسي في علاقة مقربة من خلال علم بحثي عُرف بالذهنية أو النظرية الذهنية،[130] التي تم تعريفها  على أنها قدرة البشر على التخمين والتركيز على الأفكار والمشاعر والدوافع التي تكمن خلف السلوكيات، وما إذا كانت متشابهة مع تعبيراتالوجه.[160] ربما يفتح هذا الاتصال بين النظرية  الذهنية ونموذج العمل الداخلي مجالات جديدة للدراسة تقود إلى تغيرات في نظرية التعلق.[161] منذ أواخر الثمانينات، كان هناك منهج تطويري بين نظرية التعلق والتحليل النفسي اعتمد على أرضية مشتركة طورها علماء وباحثو التعلق والتغيير، فيما اعتبره علماء التحليل النفسي مركزًا للتحليل النفسي. أصبحت نماذج العلاقات المفردة التي تشرح الحاجة الملحة إلى وجود علاقة هي المسيطرة والأكثر ترابطًا لتطوير اتفاقية تقر فيه مدرسة التحليل النفسي بأهمية تطور الطفل في سياق العلاقات والصور الداخلية. أقرت التحليلية النفسية الطبيعة الرسمية للطفل في البيئة المبكرة شمولًا بصدمة الطفولة. واستهدف التحليل النفسي استكشاف نظام التعلق ومصاحبة المنهج التحليلي الذين بزغا معًا مع إدراك الاحتياج إلى مقياس لقياس نتائج التغيرات الطارئة.[162]

كان أحد تركيزات بحث التعلق هو المعوقات التي تواجه الأطفال الذين كان تعلقهم ضعيف المستوى، متضمنًا هؤلاء الذين ليس لديهم رعاية أبوية. كان الاهتمام بآثار رعاية الطفل شديدًا خلال الفترة المسماة حروب الرعاية النهارية في أواخر القرن العشرين.[163] وكنتيجة عكسية لذلك، أصبح تدريب  محترفي رعاية الطفل يؤكد على قضايا التعلق، ويتضمن الحاجة إلى بناء علاقة عن طريق ملاحظة طفل ما مع مُقدم رعاية معين. بالرغم من أن نوعية البيئات العالية في رعاية الطفل أقرب إلى تدعيم هذا البحث، إلا أن كثير من الأطفال خلال فترة الرعاية يستقبل التعلق بطريقة حميمة أكثر من ذى قبل.[164] ووُجدت منطقة هامة للبحث والتنمية  وهي الصلة بين مشاكل أنماط التعلق، خاصة التعلق غير المنتظم؛ والخطر الناجم عن علم نفس الأمراض، السيكوباثولوجي؛[158] ثم جاء منظور التأثير على  تنمية الطفل الذي يُقلل أو لا يُعطي فرصة لتشكيل أي تعلقات خلال السنوات الأولى المبكرة. وسمحت التجربة الطبيعية بقيام دراسة موسعة عن قضايا التعلق، وتابع الباحثون الآلاف من الأيتام الرومان الذين تبنتهم عائلات غربية بعد انتهاء عصر نيكولاي تشاوتشيسكو. وتابع فريق دراسة التبني الروماني والإنجليزي بقيادة ميتشل روتر بعض الأطفال خلال مراهقتهم، في محاولة لحل غموض آثار التعلق الناقص، وتم ربط موضوعات التنبؤ بالعلاقات والمشاكل الحديثة والموضوعات الطبية مع حياتهم المبكرة. وأظهرت الدراسات التي درست هذه التبنيات، التي كانت بداياتها صادمة، سببًا يدعو للتفاؤل، حيث أن كثير من الأطفال كانوا قد تحسنوا إلى حد ما. وسجل الباحثون أن الانفصال عن الأشخاص المألوفين هو واحد من أهم العوامل التي تساعد على معرفة نوعية التحسن.[165] على الرغم  من وجود نسب عالية من أنماط مطابقة لأنماط التعلق غير الآمنة مقارنة بالمولودين في بيئتهم الأصلية، والذين تم تبنيهم مبكرًا، أظهرت النتائج أن نسبة 70% من الذين تم تبنيهم في سن كبيرة لا تُعاني ولا تُظهر اضطرابات حادة في سلوكيات التعلق.[47]

يعتبر الكتاب التعلق على أنه ليس من ضمن الثقافات الغربية، حيث أنهم ناقشوا العلاقة بين نظرية التعلق عند العائلة الغربية وخصائص أنماط رعاية الطفل في وقت بولبي.[166] وباختلاف خبرات الرعاية عند  الطفل تختلف أيضًا الخبرات المتعلقة بالتعلق. على سبيل المثال، عند تغير منظور رؤية الأنثى حال ممارستها للجنس، زادت أعداد الأطفال الذين يعيشون مع أمهات غير متزوجات أو تتم رعايتهم خارج المنزل، بينما الأم في عملها. وصعب التغير الاجتماعي منظور تبني الأطفال في بلدانهم. وسُجلت زيادة في تبني الأطفال الأكبر سنًا من دول العالم الثالث. زاد عدد التبنيات وولادة أزواج من نفس الجنس، واكتسبت حماية قانونية في فترة حياة بولبي.[167] وتمت إثارة هذه القضايا لتوضيح  أن النموذج الوصفي التكاملي الثنائي لنظرية التعلق لم يتمكن من التعامل مع تعقيد التجارب الحياتية الاجتماعية، حيث أن حديثي الولادة، في أغلب الأحوال، لديهم علاقات متعددة داخل الأسرة وفي البيئة التي تقدم لهم الرعاية.[168] واقترحت أن هذه  العلاقات يؤثر بعضها في بعض بالتبادل، على الأقل في العلاقة بالأسرة.[169]

تم استخدام مبادئ نظرية التعلق لشرح السلوكيات الاجتماعية للبالغ، والتي تشمل الصداقة والهيمنةالاجتماعية واتحادات المجموعات والمفاوضات التبادلية والعدالة.[170] واستخدمت هذه الشروح  لتصميم تدريب رعاية الوالدين، ونجحت خاصة في تصميم برامج الحماية من سوء معاملة الطفل.[171]

الطبيعة البيولوجية للتعلقعدل

تفترض نظرية التعلق أن جودة تقديم الرعاية من خلال مُقدم رعاية واحد على الأقل هو مفتاح لأمن أو عدم أمن التعلق.[155] بالإضافة إلى الدراسات طويلة المدى، هناك بحث في علم النفس الفسيولوجي يبحث في الطبيعة البيولوجية للتعلق.[172] بدأ البحث ليشمل الجينات السلوكية ومفاهيم الطبع،[156] وبشكل عام، يُعد كل من الطبع  والتعلق مجلات تطورية منفصلة، وتشترك بعض العوامل بينهما في تقديم مجال شخصي ومجال داخل الشخص نفسه.[156] ربما تحمل بعض أنواع  الطباع تطورًا لبعض الأشخاص سريعي التأثر بالضغط ضد العلاقات غير الودية مع مُقدمي الرعاية في السنوات المبكرة.[173] ويُصبح بعض الأطفال،  في غياب مُقدمي الرعاية المستجيبين، معرضين بصفة خاصة لتطور اضطرابات التعلق.[174]

في أبحاث نفسية فسيولوجية أجريت على التعلق، استجابت المنطقتان الرئيستان اللاتي تمت الدراسة عليهن بالجهاز العصبي الذاتي بردود فعل لا إرادية مثل سرعة القلب أو التنفس، وأنشطة محور وطائي-نخامي-كظري. وتم قياس استجابات الأطفال النفسية خلال إجراء الموقف الغريب من خلال متابعة اختلافات شخصية في طبع الطفل ومدى تفاعل التعلق كوسيط. هناك دليل على أن نوعية تقديم الرعاية تشكل تطور الأنظمة العصبية التي تنظم الضغط.[172]

إضافة إلى ذلك، تلعب عوامل الجينات الوراثية دورًا مؤثرًا في تشكيل التعلق، على سبيل المثال، تم ربط أحد أنماط تعدد أشكال جين مستقبل الدوبامين D2R بالتعلق القلق؛ وفي مثال آخر، تم الربط بين الجين المسؤول عن مستقبل السيروتونين  5HT2Aبالتعلق الانطوائي.[175] ويوضح هذا أن تأثير رعاية  الأم على أمن التعلق ليس واحدًا عند كل الأطفال. والأساس النظري لذلك، أنه من المنطقي بيولوجيًا أن تتفاوت الأطفال في قابليتها لتأثير التنشئة.[163]

التطبيق العمليعدل

نظرية التعلق شأنها شأن نظرية التطور الاجتماعي العاطفي لها تضمينات وتطبيقات عملية في السياسة  الاجتماعية، وقرارات متعلقة بالرعاية والرفاهية للأطفال والصحة الذهنية.

سياسات رعاية الطفلعدل

تعتبر السياسات الاجتماعية رعاية الطفل هي القوة الدافعة لتطوير بولبي لنظرية التعلق. وتكمن صعوبة الأمر في تطبيق مفاهيم التعلق على السياسة وممارستها،[176] وذلك لأن النظرية تشرح أهمية  استمرارية وحساسية علاقات تقديم الرعاية بدلًا من المنهج السلوكي في تحفيز وتقوية سلوكيات الطفل.[177] في عام 2008، أعلن تشارلز زينه  C.H. Zeanah وزملاؤه «أن دعم علاقات الآباء بالأطفال المبكرة هو هدف بارز لممارسي الصحة الذهنية، مزودي خدمة المجتمع وصانعي السياسات (...). أنتجت نظرية التعلق والبحث نتائج هامة تهتم بالتطور المبكر للطفل ودعم خلق برامج جديدة لتشجيع علاقات الآباء بالأطفال المبكرة».[13]

تاريخيًا، تُعد نظرية التعلق ذات سياسة ضمنية هامة للأطفال في المستشفيات والمؤسسات، وهؤلاء الذين يعيشون النقص في جودة الرعاية اليومية.[178] ظل  الجدل قائمًا ما إذا كانت الرعاية اللا أمومية، خاصة في الأماكن التي بها تجمعات، لها آثار رجعية على التطور الاجتماعي. ووضح البحث أن جودة الرعاية السيئة تحمل الأخطار، ولكن هؤلاء الذين جربوا رعاية بديلة ذات جودة عالية يواجهون الأخطار ببراعة، على الرغم من صعوبة رفع النوعية الجيدة للرعاية الفردية في إطار المجموعات.[176]

نظرية التعلق لها تضمينات في السكن ومجالات الاتصال، وتطبيقات التربية للوالدين والأطفال الذين تم تبنيهم. في الماضي، وتحديدًا في شمال أمريكا، كان علم النفس التحليلي هو الإطار النظري  الأساسي. وبازدياد تأثير نظرية التعلق، استطاعت أن تحل محل علم النفس التحليلي، حيث أنها تركز على كم وكيف علاقة مُقدم الرعاية بدلًا من الرفاهية المادية أو إعطاء أولوية تلقائية لأي من الأطراف، مثل الأم الأصلية. مع ذلك، تحبذ المناقشات إما أن يكون الطفل متعلقًا أومرتبطًا بالبالغين بدلًا من نوعية التعلق. منذ عام 1980، تحولت محاكم الأسرة إلى معرفة التعقيدات في علاقات التعلق، حيث يميل الطفل إلى وجود علاقات تدعم الأمان مع كلا الوالدين وعادة مع الأجداد وأقارب آخرين. تحتاج الأحكام إلى أخذ هذا في الاعتبار إلى جانب تأثير الأسرة المتبنية. تحسم نظرية التعلق بوضوح أهمية العلاقات الاجتماعية غير الثابتة بدلًا من المفاهيم الثابتة.

توجه نظرية التعلق القرارات في الخدمات الاجتماعية والعمليات القضائية في الرعاية بالتبني. تُؤخذ احتياجات الطفل في الاعتبار، ويمكن للنظرية أن تساعد في معرفة مستوى الخطر الذي تتسبب به اختيارات الوضعيات.[179] في بيئة التبني، يتم  التحول من التبنيات المنغلقة إلى المنفتحة، ويتوقع أهمية البحث عن الآباء البيولوجيين وفقًا لنظرية التعلق. وقد تأثر الكثير من الباحثين بها.[176]

الممارسة السريرية على الأطفالعدل

بالرغم من أن نظرية التعلق أصبحت نظرية علمية أساسية في التطور الاجتماعي العاطفي مع أحد  أوسع وأعمق خطوط البحث في علم النفس الحديث، كان استخدامها، إلى حد قريب، قليلًا في الممارسة السريرية من تلك النظريات التي لم تنل إلى القليل من الدعم التجريبي. ربما يرجع ذلك جزئيًا إلى قلة انتباه بولبي نفسه للتطبيق العملي من جانب، ومن جانب آخر، بسبب المعنى الموسع لكلمة التعلق المستخدم بين الممارسين. وربما يكون أيضًا بسبب الربط الخاطىء لنظرية التعلق بتدخلات العلم الزائف، التي عُرفت خطأً بعلاج التعلق.[180]

الوقاية والعلاجعدل

  مقالة مفصلةعلاج التعلق

في عام 1986، نشر بولبي سلسلة من المحاضرات تُشير إلى إمكانية استخدام نظرية التعلق والبحث في فهم وعلاج الطفل واضطرابات الأسرة. كان تركيزه منصبًا على تغيير نموذج العمل الداخلي عند الوالدين وسلوكهم وعلاقاتهم بالتدخل العلاجي.[181] أدى تطور البحث إلى ظهور عدد من العلاجات والوقاية الشخصية والبرامج المتداخلة.[181] يتطور  مجال عملهم من خلال العلاج الشخصي لبرامج الصحة العامة للتدخلات المصممة للمتبنيين. بالنسبة للرضع والأطفال الصغار، يكون التركيز على رفع استجابة وحساسية مُقدم الرعاية، أو إذا كان ذلك غير ممكن، يتم وضع الطفل مع مُقدم رعاية مختلف.[182][183] يتم تضمين تقييم حالة التعلق أو  استجابات مُقدم الرعاية، نتيجة إلى كون التعلق عملية ذات اتجاهين تتضمن سلوكيات التعلق واستجابات مُقدم الرعاية. وتم تصميم بعض البرامج لتعزيز التدخلات الرامية للمتبنيين كنتيجة إلى عدم استجابات مُقدم الرعاية بطريقة سليمة وفقًا لسلوكيات التعلق عند الرضع أو الأطفال الذين يواجهون صعوبة في تفعيلها.[184]

اضطراب رد الفعل المرفق واضطراب التعلقعدل

  مقالة مفصلةاضطراب رد الفعل المرفق

يُعد اضطراب رد الفعل المرفق هو أحد أنماط التعلق  المضطربة الحقيقية وتشخيصًا نفسيًا مُعترف به وفقًا لما جاء بالدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية والمراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض.[185][186] السمة الرئيسية في  اضطراب رد الفعل المرفق هي العلاقات الاجتماعية غير الملائمة والمضطربة بشكل ملحوظ في معظم السياقات، التي تبدأ قبل سن الخامسة، والتي تم ربطها الرعاية المرضية الإجمالية. وهناك فرعان له، الأول يعكس نمط تعلق غير مثبط؛ والثاني نمط مثبط. وهذا ليس وصفًا لأنواع التعلق غير الآمن، لكن ربما تكون جدلية، في المقابل، هي توضح نقص في سلوك التعلق الخاص بالسن، والتي تعادل الاضطراب السريري.[187]

بينما يأتي اضطراب التعلق،[188] وهو مفهوم غامض،  للإشارة إلى اضطراب رد الفعل المرفق أو إلى أنواع التعلق الجدلية غير الآمنة ، إلا أنها لا تعتبر اضطرابات سريرية. أيضًا، يُمكن استخدامها للإشارة إلى نظام التصنيف الجديد المقترح من منظري هذا المجال،[189] ويستخدم ضمن علاج التعلق من منظور تشخيصي.[190] وتبين أن واحدة من التصنيفات الجديدة المقترحة، وهي اضطراب القاعدة الآمنة، ترتبط مع الصدمة النفسية لمُقدم الرعاية.[191] وعلى الرغم من أن مفهوم اضطراب رد الفعل المرفق تم تطبيقة عام 20144 على نطاق واسع لفهم الاضطرابات السلوكية التي تحدث خارج معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية والتصنيف الدولي للأمراض، ويُعتقد بشكل عام في الويب، وفيما يتعلق بعلاج التعلق العلمي الزائف، عن اضطراب رد الفعل المرفق، الذي يعتبره العلماء أمر نادر الحدوث.[190]

الممارسة السريرية على الأسر والبالغينعدل

مثلما تقدم نظرية التعلق رؤية واسعة وبعيدة المدى عن الأداء البشري، يمكنها أيضًا إثراء فهم المعالج العلاج لمرضاه، فضلًا عن العلاقة العلاجية بدلًا من إتباع شكل معين من أشكال العلاج.[192] اعتمد  علاج البالغين، على أساس التحليل النفسي، على وجود علاقة بين التحليل النفسي العلائقي ومناهج أخرى، إضافة إلى دمج نظرية التعلق مع أنماطها.[192][193] في العقد الأول من القرن 211، تم  دمج المفاهيم الأساسية للتعلق ضمن النماذج الموجودة في العلاج السلوكي المزدوج، والعلاج العائلي متعدد الأبعاد والعلاج الأسري. وتطورت المداخلات التي ركزت على التعلق مثل العلاج العائلي والعلاج العاطفي المُعتمد على التعلق.[194][195]

أنشأت نظرية التعلق والبحث قواعد لتطوير فهم النظرية الذهنية أو الوظيفة المنعكسة ووجودها وغيابها أو تشويه علم نفس الأمراض. ويمكن أن  يلعب عدم ثبات أنماط التعلق عند الفرد وقدرته على التعافي الذهني دورًا حاسمًا في القدرة على العلاج.[192][196]

انظر أيضاعدل

تمييز الأقارباصطفاء القرابةمتلازمة بيتر بانتنشئة الطفلاضطرابات نمائية شاملةمهارات اجتماعيةعلاج التوحداضطراب الطفولة التحلليةوسائل مساعدة للكلامعلاجات بديلة للصعوبات التنموية والتعليميةحيوان نجس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق