الاثنين، 24 يوليو 2017

دورة حياة النجوم

دورة حياة النجوم
تُمثِل النجوم أكثر العناصر الفلكية المعروفة على نطاق واسع في كوننا، والتي تُشكل البنيات الأساسية في المجرات. تَمَكّننا من معرفة عمر وتوزيع، وكذا تكوين النجوم، يكمن من خلال خط التاريخ ودينامكية وتطور المجرات. علاوةً على ذلك، النجوم هي المسؤولة عن صناعة وتوزيع العناصر الثقيلة كالكربون، الآزوت، والأوكسجين...
ومنه، فموضوع اليوم سيكون عن حياة النجم؛ البداية والنهاية.
قصة تكوين النجوم، تتلخص في أن يُولد النجم من سُحب الغبار الكوني المتبعثر في جميع أنحاء المجرات. كيف ذلك؟ يُوَلِد اختلاط السحب الغبارية تَكوّن عُقد ذات كتلة كافية لانكماش المادة (الغاز والغبار) بفعل قوة جاذبيتها. وبانكماش السحب الغبارية، تبدأ المادة في مركزها بالتحميّة، وتصبح ذات كثافة ودرجة حرارة عالية، ليتحول مركز السحب هذا إلى نجم فيما بعد. وهذا ما يدعى بـ«النجم الأولي – Protostar».
لا تتحول كل المادة المكوّنة له إلى نجم، بل يتبقى هناك بعض الغبار الذي يمكن أن يتحول بعدها إلى كواكب، وكويكبات، ومذنبات، أو حتى أن يظل مجرد غبارًا فقط.
إن نجمًا بحجم شمسنا يحتاج لحوالي 50 مليون سنة ليصبح نجمًا ناضجًا. شمسنا، ستبقى في هذا الطور لِما يقارب 10 مليار سنة.
تبقى النجوم مشتعلة بفعل الاندماج النووي للهيدروجين، الذي يتحول إلى هليوم، مما يؤدي لتدفق الطاقة من النجم نحو الخارج. هذه الطاقة تقف كقوة مضادة لقوة الجاذبية، التي تدفع بالنجم للانكماش نحو مركزه وتحطيم نفسه.
أما بالنسبة للنجوم الأصغر من شمسنا، التي تُشكِل كتلتها 10% من كتلة شمسنا وتبعث فقط 0.01% من الطاقة مقارنة بالشمس، فهي تعرف بـ«الأقزام الحمراء – Red Dwarfs». تصل درجات حرارتها إلى ما بين 3000 و 4000 كلفن. ورغم كتلتها الصغيرة نسبيًا، إلا أن الأقزام الحمراء تعتبر من أكثر أنواع النجوم عددًا في الكون، ولها مدة حياة تبلغ عشرات ملايير سنين.
من جهة أخرى، النجوم الأكثر كتلةً من الشمس، المعروفة بـ«النجوم العملاقة – Hypergiants»، تصل درجة حرارة سطحها إلى 30000 كلفن. كما تبعث مئات آلاف أضعاف طاقة الشمس، إلا أن مدة حياتها تقف عند بضعة ملايين من السنين. من المعتقد، أن «النجوم العملاقة» كانت منتشرة في البدايات الأولى للكون، إلا أنها بالغة الندرة في وقتنا الحالي.
ولو تساءلنا عن مصير النجوم، فعمومًا، أكبرها يكون له حياة أقصر. رغم كل شيء النجوم الأكثر كتلة تعيش لملايير السنين. عندما يقوم نجم بدمج كل الهيدروجين في مركزه، تتوقف التفاعلات النووية، كنتيجة لانعدام الطاقة المترتبة عن الاندماج (التي تدفع بمكونات النجم للخارج)، ينكمش النجم نحو مركزه ويصبح ذا درجة حرارة أعلى. يؤدي بقاء الهيدروجين خارج مركز النجم إلى متابعة الاندماج النووي في غلاف محيط بالمركز، فتنقذف الطبقات الخارجية للنجم، مما يجعله يتوسع ويبرد منتهيًا إلى أن يصير النجم «عملاقًا أحمر – Red Giant».
إن كان النجم كبير الكتلة، فإن مركزه المنكمش يكون مرتفع الحرارة بما يكفي لتفعيل اندماجات نووية، تُحوِل الهليوم إلى عناصر أثقل كالحديد. على كل حال، إن تفاعلات مماثلة تكون مؤقتة، فالنيران الداخلية للنجم تكون غير مستقرة بشكل متزايد. هذه التغيرات تجعله يُحرك ويَقذف طبقاته الخارجية، مختفيًا وسط الغاز والغبار. ما يحصل لاحقًا يعتمد على حجم المركز.
بالنسبة للنجوم متوسطة الحجم كالشمس، يستمر طرد الطبقات الخارجية حتى يُستنفَذ مركزه ويتحول إلى قطعة نجمية صغيرة بحجم الأرض تقريبًا. وذات كتلة ضخمة تعادل كتلة نجم، وهي ما تُعرف بـ«القزم الأبيض – White Dwarf».
فكلما ثقل المركز، كلما كان «القزم الأبيض» المنتج أكثر كثافة؛ وكلما كان «القزم الأبيض» أصغر حجمًا، كلما كانت كتلته أكبر. هذه النجوم ذات مفارقة الكتلة والحجم، منتشرة بكثرة. كما أن شمسنا سيكون لها نفس المصير بعد ملايير من السنين. أما «الأقزام البيضاء» جد ضعيفة، لأنها جد صغيرة، وتفتقر لمصدر إنتاج الطاقة، فتبرد وتتلاشى.
هكذا حال النجوم ذات كتلة في حدود 1.4 مرة كتلة الشمس، وإذا تجاوزت ذلك فلها مصير آخر، يدعى «المستعر» أو «النوفا – Nova». إذا كان «قزم أبيض» قريبًا بشكل كافٍ من نجم آخر، فإنه يجذب المادة ـ خصوصًا الهيدروجين ـ من الطبقات الخارجية لهذا النجم، ويبني طبقة له على سطحه، ثم يبدأ على مستواه اندماجات نووية تجعل القزم الأبيض يشع، ويطرد المادة المتبقية؛ تتكرر هذه العملية بشكل متواتر. وأحيانًا، يحدث أن تنكمش «الأقزام البيضاء»، ذات كتلة عالية، كليًا وتنفجر في ما يدعى «المستعر الأعظم» أو «سوبرنوفا – supernova». يختلف المستعر عن المستعر الأعظم؛ إذ أن المستعر نتاج انفجار سطح النجم وحده، بينما في حالة الـ«سوبرنوفا» النجم بأكمله ينكمش وينفجر.
في حالة النجوم الثقيلة، تؤدي سلسلة معقدة من التحولات النووية إلى إنتاج الحديد في مركز النجم، يفقد عبرها النجم طاقته. كما أن التحولات التي تنتج عناصر أثقل من الحديد تمتص الطاقة بدلًا من إنتاجها، فلا يملك النجم بعض طاقة لمنع الانكماش بسبب كتلته، فيتقلص في غضون ثوان من 5000 ميل إلى دزينة، وتصل الحرارة إلى 100 مليار درجة أو أكثر. في البداية تنكمش طبقات النجم مع مركزه، لكنها ترتد مع التحرير الهائل للطاقة وتطرح خارجه بقوة.
تُحرر الـ«سوبيرنوفا» قدرًا هائلًا من الطاقة، قد تضيء مجرة بأكملها لأيام أو أسابيع. إضافة لذلك، كل العناصر الطبيعية والأنواع الغنية يتم إنتاجها من هذا الانفجار. في المعدل، يحدث انفجار «سوبيرنوفا» كل 100 عام في المجرة النموذجية. ويتم رصد ما بين 25 و50 سوبيرنوفا كل سنة في المجرات الأخرى، لكن معظمها بعيد ولا يمكن رؤيته دون تلسكوب.
إذا كان مركز الـ«سوبرنوفا» ذا كتلة تتراوح بين 1.4 و 3 أضعاف كتلة الشمس، فالانكماش يستمر حتى تندمج الالكترونات والبروتونات فتشكل نيوترونات، فيصبح لدينا «نجم نيوتروني – Neutron Star» له نفس كثافة نواة ذرية، لأنه يتكون من كتلة كبيرة محصورة داخل حجم صغير، وعلى سطحه جاذبية هائلة.«النجوم النيوترونية» لها مجالات مغناطيسية قوية تستطيع تسريع كل جزء دقيق في الذرة حول قطبيه، مما يجعله يطلق إشعاعات لها منحى معين يعتمد على دوران النجم، فإذا صار اتجاهها نحو الأرض تمكنا من التقاط هذه الإشعاعات التي تصل بشكل دوري. في هذه الحالة، النجوم النيوترونية تعرف باسم «النجم النابض – Pulsar».
إذا كان مركز الـ«سوبرنوفا» ذا كتلة أكبر من 3 أضعاف كتلة الشمس، فإنه يتحول لـ«ثقب أسود – Black Hole»، كتلة مركزه لا متناهية، ذات جاذبية خارقة لا يستطيع أي شيء الفرار منها، ولا حتى الضوء. لذلك لا يمكن ملاحظة الثقوب السوداء مباشرة، والطريقة غير المباشرة لرصدها هي التقاط أشعة «غاما» و«إكس» المنبعثة من المادة التي ترتفع درجة حرارتها بشكل هائل عند اقترابها من ثقب أسود.
الرماد والحطام المُخلَّف إثر الـ«نوفا» والـ«سوبرنوفا» يندمج مع الغاز والغبارالمحيط، ويغنيه بمزيد من العناصر الثقيلة والمكونات الكيميائية المنتجة، عبر موت النجم. هذه المواد يُعاد تدويرها لتشكل تكتلات جديدة لميلاد أجيال جديدة من النجوم، والأنظمة الشمسية.
إعداد: Malika Oubilla
مراجعة: حكيم حزليف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق