الأحد، 23 أبريل 2017

العالم الافتراضي لن يعود افتراضي

تكنولوجيا الحاسة السادسة
كم داعبنا الخيال بأفكار لم تراوح مكانها؟ وكم رسمنا على الأوراق مسارات وأجندات لحياة مستقبلية واعدة ؟
ولكن من منا أخرج كل ذلك إلى أرض الواقع ؟ من منا تحرك من مكانه ودافع عن أفكاره؟ 
إليكم أفكار غادرت تلك الخيالات، أفكار أبت أن تبقى حبيسة الأوراق، وتحولت إلى اختراعات ونقلت البشرية خطوات عديدة إلى الأمام.
تكنولوجيا الحاسة السادسة:
هي التكنولوجيا التي تمكن الحاسوب من التفاعل المباشر مع العالم المحيط به، وهي التي ستفتح الأفق الشاسع بين العالمين الحقيقي والإلكتروني لكي يندمجان معا من خلال جهاز حاسوبي صغير جدا بحجم الهاتف الجوال، يتم حمله على الصدر ويقوم بدمج العالم الحقيقي مع العالم الرقمي، أي أنه يقوم بجعل من الإنترنت حاسة سادسة للإنسان بهذه التقنية الثورية. 
وهو عبارة عن نظام مشاريع المعلومات بما يحيط بنا من أجسام وأسطح، حيث أن هذا الجهاز يعمل على خلق بيئة لنقل البيانات من العالم الحقيقي إلى العالم الرقمي،باستعانة كاميرا تصغير، تقوم بترجمة البيئة التي نعيشها لصورة افتراضية تمثل الواقع.
فكرة الحاسة السادسة تعتمد على أداة لتسليط الصورة على الشاشة (البروجكتر) مع كاميرا وجهاز هاتف محمول، حيث تستخدم لربط جهاز الكمبيوتر والإنسان (المستخدم) نحو بيئة الحوسبة الحسابية، وبالتالي تخزّن جميع البيانات التي نقلت بواسطة هذه التقنية في الشبكة العنكبوتية (الانترنت).
آلية عمل هذه التقنية:
يتكوّن الجهاز من: كاميرا تصوير، جهاز هاتف محمول، بروجكتر موصول بالنظام إضافة إلى حساسات لمس في الأصابع (أغطية ملونة تثبت على أطراف الأصابع ).

إذ تقوم الكاميرا بالتقاط حركات الأصابع ليتم معالجتها وتقوم بتتبعها باستخدام الحاسوب و« التقنيات القائمة على الرؤية - Computer-visionbased techniques » ، ثم تعرض المخرجات بواسطة جهاز البروجكتر، ليتم بعد ذلك الاتصال بشبكة الإنترنت بواسطة الهاتف الذي يمكن ارتدائه في الرقبة، حيث يرتبط البروجكتر بالهاتف المحمول أو الحاسوب الذي يرتبط بدوره في الانترنت لتكوين قاعدة بيانات ضخمة تتيح لنا معرفة كل شيء.

ولأن البروجكتر مسؤول عن معالجة المعلومات باستعانة الكاميرا وترجمتها للقطات صور مرئية واقعية، فإنك تستطيع تسليطها على أي جدار أو سطح أو أي شيء ذو مستوى واحد (مثل سطح الطاولة) بأي حجم تريد، ويشمل ذلك البُعد الثالث الذي يعتبر معدوما في مثل هذه التقنيات وهو "بُعد العمق"؛ كما يمكن لهذه التقنية - وذلك بواسطة الكاميرا- أن تميز أي شيء يحيط بك بشكل فوري؛ ليقوم النظام بتغطية المعلومات والبيانات ومن ثم يمكن لك التواصل مع هذه البيانات بواسطة أطراف الأصابع.
يقوم البرنامج المثبت بتحليل ومعالجة البيانات المأخوذة من الفيديو والتي تم التقاطها، وتتبع أماكن العلامات الملونة الموجودة في طرف المستخدم باستخدام تقنيات الحاسوب القائمة على الرؤية وهو ما يسمى بـ: «Visual tracking fiducials »
كيفية استخدام الجهاز:
تثبت في أصابع الإبهام والسبابة في كلتا اليدين أربعة قطع بلاستيك صغيرة، لتساعد الكاميرا على تمييز حركة اليدين،ومن ثم يمكن لليدين التفاعل مع الصور والبيانات والمعلومات المختلفة والرسم على الهواء إذ تتناوب الإشارات القادمة من الكاميرا والبروجكتر. كما أن الجميل في هذه التكنولوجيا هو إمكانية برمجة الإيماءات، حيث يكفي أن تشير بإيماءة التصوير حتى تقوم الكاميرا بالتصوير وتخزين الصور.

أمثلة عن هذه التقنية وفوائدها:
بفضل هذه التقنية، أصبح بإمكانك معرفة صحة الطعام الذي تشتريه من السوبر ماركت، أو معرفة النسخة القديمة لكتاب تقرؤه، أو إجراء عملية حسابية، أو حتى إجراء اتصال عبر حركة الأيدي.

ومن أطرف استخدامات الجهاز، أنه حين تقابل شخصا ما، فبمجرد ما يقوم الجهاز بالتقاط صورة له، يطلق النظام بحثا عليه في كافة المدونات والشبكات الاجتماعية، ليخبرك بتفاصيل اهتماماته؛ كما يزوّدك بمعلومات حول كيفية تعاملك مع هذا الشخص. وأحيانا قد يداهمك الوقت لإخراج الكاميرا أو كاميرا النقال، لكن مع تكنولوجيا الحاسة السادسة يكفي أن تشبك أصابع يدك للحصول على الصورة.

كذلك إن كنت تقرأ مقالة في إحدى الجرائد، يعرض لك الجهاز معلومات إضافية عن الموضوع من الإنترنت، أما إذا التقط صورة بطاقة للطيران، فإنه سيلاحق المعلومات المتعلقة بالرحلة وتأخيراتها ويعرضها على شاشته، كما أن بإمكانه التقاط صور المنتجات المصفوفة على الرفوف وعرضها مع أسعارها.

يدعم هذا الجهاز تعدد الاتصالات والمستخدمين، وينفذ العديد من التطبيقات التي تثبت جدواها ومرونة النظام. كما أنه يشمل برنامج الرسم الذي يتيح للمستخدم رسم أي شيء على أي سطح عن طريق تتبع حركات الأصابع.
إن هذا النظام باختصار، يعزز التفاعل مع الأشياء المادية التي يتعامل معها المستخدم من خلال توقع مزيد من المعلومات حول هذه الأشياء.
وكفكرة أخيرة: إن اندماج المعلومات مع ما نستعمله في حياتنا اليومية لن يساهم فقط في كسر الحاجز الرقمي، الذي يشكل الفجوة بين عالمنا وعالم المعلومات، بل سيساعدنا أيضا، بشكل ما، على البقاء بشرا ،وعلى اتصال مستمر مع العالم الذي نعيش فيه وستساعدنا على أن لا نصبح كآلات قابعة أمام آلات أخرى.

إعداد: علي مسعود.
مراجعة: Amira Lahn Bousdjira

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق