علاقة الاختلاف بين البورجوازية الامبريالية والبورجوازية الكولونيالية مهدي عامل
2التبعية الطبقية والتبعية البنيوية
وهذا يلقي لنا ضوءا على نوع علاقة التبعية التي تربط البورجوازية الكولونيالية، في وجودها الطبقي وفي صيرورتها الطبقية، بالبورجوازية الامبريالية. فالعلاقة الكولونيالية، من حيث هي علاقة تبعية بنيوية، لا تنحصر في علاقة تبعية بين هاتين الطبقتين، بل هي أعم وأشمل، لأنها علاقة بين بنيتين متميزتين من علاقات الإنتاج تربطهما وحدة بنيوية واحدة هي وحدة تفارق أو تفاوت بنيوي تتميز فيها الأولى من الثانية في ارتباطها التبعي بها، أي في خضوعها، في حركة تطورها الداخلي حسب منطقه الخاص لحركة التطور الداخلي للثانية التي تولدها بشكل مستمر، في إطار علاقة التبعية هذه، بفعل آلية تحركها الداخلي نفسه وكأثر له.إن علاقة التبعية البنيوية أساس لوجود علاقة التبعية بين الطبقتين وشرط لها، ولا وجود لهذه إلا بوجود تلك وفي إطارها. فالعلاقة الكولونيالية ليست إذن، علاقة ذاتية واعية تتحكم فيها الإرادة الطبقية عند هاتين الطبقتين أو عند إحداهما، ولا يمكن أن تكون كذلك، حتى وإن كانت الإرادة عند الطبقة الواعية موجودة
فيها وهي بالفعل موجودة بل إنها، في حقيقتها النظرية، علاقة موضوعية تخضع لها الإرادة الطبقية نفسها. في هذا الضوء من التحديد النظري للعلاقة الكولونيالية، يمكن فهم علاقة التبعية التي تربط البورجوازية الكولونيالية بالبورجوازية الامبريالية، وفهم طابع التناقض الذي يظهر أحيانا بينهما في شروط تاريخية محددة من تطور البورجوازية الكولونيالية. فدخول هذه الطبقة، في شروط معينة من تطورها التاريخي، في تناقض مع البورجوازية الامبريالية، لا ينفي وجود علاقة التبعية التي تربطها بها، ولا يدل على أن قطع هذه العلاقة هو في منطق صيرورتها الطبقية، بل هو، على العكس من ذلك تماما، يدل على استحالة قيامها بعملية القطع هذه، حتى وإن توافرت عندها على سبيل الافتراض العبثي الإرادة الطبقية للقيام بذلك، لأن تحقق هذه العملية يستلزم بالضرورة تحويلا جذريا لبنية علاقات الإنتاج الكولونيالية التي تجعل منها طبقة مسيطرة، وبالتالي قلبا جذريا لعلاقة السيطرة نفسها.فالاستحالة هذه ليست إذن، من فعل الإرادة الطبقية، بل هي في المنطق الموضوعي لبنية علاقات الإنتاج الكولونيالية، لذا، أمكن القول: إن
ذاك التناقض الطبقي الذي أشرنا إليه بين هاتين الطبقتين كما نلحظه في جانب من حركة عرابي أو في جانب من حركة 1919 في مصر مثلا، أو في حركة الاستقلال في لبنان سنة 1943 لا يمس جوهر العلاقة الكولونيالية، من حيث هي علاقة تبعية بنيوية، وليس في منطق تطوره التاريخي أن يقود إلى قطع هذه العلاقة، بل هو بالعكس يقوم أصلا على أساس من بقائها، ويتطور في إطارها الذي يحده ويمنعه من الخروج منه. وبتعبير آخر،ليست علاقة التبعية الطبقية التي تربط البورجوازية الكولونيالية بالبورجوازية الامبريالية هي التي تحدد علاقة التبعية البنيوية التي تربط البنية الاجتماعية الكولونيالية، في تميز تطورها الداخلي، بالرأسمالية الامبريالية، بل إن علاقة التبعية البنيوية هذه هي التي تحدد بالضرورة علاقة الطبقة الأولى بالثانية كعلاقة تبعية، أي إن العلاقة الكولونيالية ليست علاقة تبعية طبقية بين طبقتين، بل علاقة بنيوية بين بنيتين متميزتين من علاقات الإنتاج، يتحدد تطور كل منهما، في تميزه الداخلي كحركة تفارق طبقي، بتطور الأخرى .فالتبعية للامبريالية قائمة في وجود هذه البنية المتميزة من علاقات الإنتاج الكولونيالية التي تولدت تاريخيا بفعل التغلغل الاستعماري، ويستحيل حصرها في وجود البورجوازية الكولونيالية، وإن كان وجود هذه الطبقة غير منفصل، بالطبع، عن وجود تلك البنية. إن هذا التحديد النظري للعلاقة الكولونيالية هو الذي يعطينا التفسير العلمي لهذه الظاهرة التاريخية من عدم انقطاع علاقة التبعية البنيوية للامبريالية في بعض البلدان العربية ذات
« الأنظمة التقدمية » كمصر وسوريا أو الجزائر مثلا، برغم وصول طبقة أخرى إلى السلطة، غير البورجوازية الكولونيالية، وأكثر عداء منها للامبريالية. فالتبعية الطبقية التي تربط البورجوازية الكولونيالية، بشكل مباشر، بالبورجوازية الامبريالية، لا وجود لها في علاقة البورجوازية الصغيرة، من حيث هي طبقة مسيطرة، بالبورجوازية هي في علاقة « بالأنظمة التقدمية » الامبريالية، بل إن هذه الطبقة المسيطرة في ما يسمى موضوعية من العداء مع الامبريالية سمحت لها، في شروط تاريخية محددة ولأسباب متعددة لا سبيل إلى ذكرها الآن، بأن تكون في قيادة حركة التحرر نفسها، في مرحلة من مراحل تطورها. ومع هذا، لم تنقطع العلاقة الكولونيالية، بل بقيت الإطار البنيوي الذي تتحرك فيه علاقة العداء هذه. وبتعبير آخر، إن وجود التناقض الموضوعي بين البورجوازية الصغيرة المسيطرة والامبريالية لا ينفي وجود العلاقة الكولونيالية ولا يقود إلى قطعها، لسبب بسيط هو أن تحركه قائم أصلا على أساس وجود هذه العلاقة من التبعية البنيوية وفي إطارها، أي في إطار بنية علاقات الإنتاج الكولونيالية وعلى أساس وجودها وبقائها. فالوجود الموضوعي لهذه البنية، من حيث هي القاعدة المادية لوجود
البورجوازية الصغيرة كطبقة مسيطرة، ولتجدد سيطرتها الطبقية، هو الذي يمنع إذن، هذه
الطبقة من أن تقوم بقطع العلاقة الكولونيالية، برغم وجودها في تناقض مع الامبريالية، وهو الذي يعطي هذا التناقض طابعه المحدود، أي طابعا نسبيا معينا يمنعه من أن يقود إلى قطع هذه العلاقة. فعملية القطع هذه لا تخضع لمنطق تطور هذا التناقض، بل لمنطق آخر من التناقض، هو منطق الصراع الطبقي نفسه الذي يتولد داخل البنية الاجتماعية الكولونيالية على أساس علاقات الإنتاج المحددة فيها. معنى هذا أن عملية التحرر من الامبريالية، أي قطع العلاقة الكولونيالية، هي عملية معقدة ومتميزة من الصراع الطبقي، تمر بالضرورة عبر التغيير الجذري، أي التحويل الثوري، لبنية علاقات الإنتاج الكولونيالية. وما دامت هذه البنية قائمة، فالتبعية للامبريالية مستمرة، حتى وإن كانت الطبقة المسيطرة، كالبورجوازية الصغيرة مث ً لا، في علاقة تناقض مع الامبريالية. من هنا أتى العجز الموضوعي التاريخي لهذه الطبقة عن تحقيق مهمة التحرر، إذ إن القاعدة المادية التي تنطلق منها في عدائها للامبريالية، أي إن طبيعة علاقات الإنتاج التي تجعل منها طبقة مسيطرة، هي ذاتها القاعدة المادية لوجود تلك التبعية وبقائها. بين الحفاظ على هذه القاعدة كشرط أساسي لتجدد الوجود الطبقي المسيطر لهذه الطبقة، وبين القضاء عليها كشرط أساسي للتحرر من الامبريالية، تناقض مطلق يستحيل حله، فيه تقع هذه الطبقة، وتحاول عبثا الخروج منه بتوفيق مستحيل بين طرفيه. وليس ما نراه من ذبذبة في ممارستها السياسية سوى انعكاس لهذا التوفيق المستحيل بين التحرر من علاقة التبعية البنيوية للامبريالية والإبقاء على قاعدتها المادية في وجود بنية علاقات الإنتاج الكولونيالي.
مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني
مهدي عامل
النسخ الالكتروني عليه اخرس
الأحد، 23 أبريل 2017
علاقة الاختلاف بين البورجوازية الامبريالية والبورجوازية الكولونيالية
تشكيلة العثماني
تشكيلة العثماني
عبد القادر اعمارة وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء
نعم خنت وطني
أنا رجـلٌ خائن .. خُنتُ وطني عندما رفضتُ الإلتحاق بجيش التحريـر لأقاتل الفرنسيين وأطردهم من الوطن .
لم تكن فرنسا تُشكّلُ لي عقدة بتواجدها في المغرب ، بالعكس كُنتُ مبهوراً بها وتمنّتُ أن يستمرّ توجدها معنا لتُممَ مشاريعها التنموية ، لولاها لكنا في عداد التخلف ، هي من عرّفتنا على السينما والمسرح ، هي من أنشأت الجسور والسكك الحديدية والمكتبات والمطارات وبنت المُستشفيات وأدخلت الحضارة لهذا الوطن ، لو لـم ترحلْ لاكتشفنا الطراموي والميترو باكراً ، ولكـانت جودة التعليم والصحة أحسن بكثيـرْ .. الذين قاتلوا المستعمر أصبحوا مجردّ أرقام لا اسم لهـا ، وحدهم قوّاد المخزن من استفادوا مما تركتهُ فرنسا ، انهالوا على الأراضي والڤيلات والمناصب السياسية ، نفخوا كروشهم على حساب الجياع الذين ماتوا بالصحاري والجبال ، أنشأوا أحزاباً سياسية وتقاسموا كعكة الوطن بينهم ..
أنا رجلٌ خائن .. خُنتُ وطني عندما زوّرتُ شهادة طبية تمنعني من دخول الجيش ، لا أريدُ حراسة حدود وهمية في الرمال والأحجار طيلة أربعين عاما وينتهي بي المطاف حارساً للسيارات ومعي معاشٌ هزيلٌ لا يكفي لوجبة عشاء ، وزوجة مريضة لا أملكُ ثمن علاجها ، وكثير أبناء لا يملكون عملاً .. لا أريدُ تقبيل يدَ الجينرال ليُدخلني المدينة ، فأسوقُ سيارة زوجته وأذهبُ بها عند عشيقهـا بالمنزل المطل للبحـر ، وإذا ما رفعتُ عيني بعينها تأمرُ زوجها بطردي أو إدخالي السجن ..
خنتُ وطني مرة أخرى عندما رشيتُ عون السلطة كي لا يُسجل اسمي للذهاب للمسيرة الخضراء ، فضّلتُ مشاهدة جحافل الفقراء والمقهورين تمتطي الصحاري مشياً على الأقدام لاسترجاع الرمال حاملة مصافح لا تعرفُ فحواها ورايات انتهى بها المطاف ملحافاً يقيهم من البرد ، وعادوا دون أن يملكوا بيتا ولا عملا ولا مستقبل ، حرروها لأناس آخرين ولوطن آخـر ..
خنتُ وطني عندما لم أرى وجه الملك بالقمر .. خنتهُ عندما خرجتُ في مظاهرات تطالبُ بالخبز والعيش الكريم ، خنتهُ عندما دخلتُ المدرسة في حين كان أبناء الحي يذهبون للتسول .. خنتهُ عندما قرأتُ الكتب الحمراء وطالبتُ باشتراكية تُنصف الجميع .. خنتهُ عندما تحدتثُ عن الحرية والمساواة .. خنته عندما لم أقف لتحية العلم ولم أرقص بأعياد العرش .. خنتهُ عندما انخرطتُ في العمل السياسي ورفضتُ أن أكون من القطيع .. خنتهُ عندما توقفتُ عن صلاة الجمعة والدعاء مع الحاكم .. خنتهُ عندما طالبت بالسكن اللائق والتعليم والصحة .. خنتهُ عندما قلتُ الشعب يريد إسقاط النظام .. خنتهُ عندما قلتُ لا للعفو عن مغتصب الأطفال ... خنته عندما دخلتُ للجامعة ومشيتُ في المسيرات .. خنتهُ وخنتهُ وخنتهُ ولا يهمني حكمهُ ولا حاكمهُ ...
أنا خائن .. خنتُ وطني ما من مرة ، والحمدُ لله أني خنتهُ ...
تشكيلة العثماني
تشكيلة العثماني
¤ سعد الدين العثماني : رئيس الحكومة
¤ المصطفى الرميد : وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان
¤ عبد الوافي لفتيت: وزير الداخلية
¤ ناصر بوريطة : وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي
¤ محمد أوجار : وزير العدل والحريات
¤ أحمد التوفيق : وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية
¤ محمد الحجوي الأمين العام للحكومة
¤ محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية
¤ عزيز أخنوش : وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات
¤ محمد نبيل بنعبد الله : وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة
¤ محمد حصاد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي
¤ مولاي حفيظ العلمي : وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي
عبد القادر اعمارة وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء
¤ الحسين الوردي : وزير الصحة
¤ عزيز رباح: وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة
¤ محمد ساجد: وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي
¤ رشيد الطالبي العلمي : وزير الشباب والرياضة
¤ محمد الأعرج: وزير الثقافة والاتصال
¤ بسيمة الحقاوي : وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية
¤ محمد يتيم : وزير الشغل والإدماج المهني
¤ عبد اللطيف لوديي: الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني
¤ لحسن الداودي: الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة
¤ مصطفى الخلفي: الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة
¤ محمد بن عبد القادر : الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية
¤ عبد الكريم بنعتيق : الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة
¤ نور الدين بوطيب : الوزبر المنتدب لدى وزير الداخلية
¤ محمد نجيب بوليف : كاتب الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء المكلف بالنقل
¤ امباركة بوعيدة : كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلفة بالصيد البحري
¤ شرفات اليدري افيلال: كاتبة الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء الملكفة بالماء
¤ جميلة المصلي : كاتبة الدولة لدى وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي
¤ مونية بوستة : كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي
¤ حمو اوحلي : كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلف بالتنمية القروية والمياه والغابات
¤ فاطنة لكحيل : كاتبة الدولة لدى وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة المكلفة بالإسكان
¤ خالد الصمدي : كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي
¤ العربي بن الشيخ : كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالتكوين المهني
¤ رقية الدرهم : كاتبة الدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي المكلفة بالتجارة الخارجية
¤ لمياء بوطالب : كاتبة الدولة لدى وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي المكلفة بالسياحة
¤ عثمان الفردوس : كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي المكلف بالاستثمار
¤ نزهة الوافي : كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة المكلفة بالتنمية المستدامة
الله يسمح لي
علاقة الاختلاف بين البورجوازية الامبريالية والبورجوازية الكولونيالية
علاقة الاختلاف بين البورجوازية الامبريالية والبورجوازية الكولونيالية مهدي عامل
2التبعية الطبقية والتبعية البنيوية
وهذا يلقي لنا ضوءا على نوع علاقة التبعية التي تربط البورجوازية الكولونيالية، في وجودها الطبقي وفي صيرورتها الطبقية، بالبورجوازية الامبريالية. فالعلاقة الكولونيالية، من حيث هي علاقة تبعية بنيوية، لا تنحصر في علاقة تبعية بين هاتين الطبقتين، بل هي أعم وأشمل، لأنها علاقة بين بنيتين متميزتين من علاقات الإنتاج تربطهما وحدة بنيوية واحدة هي وحدة تفارق أو تفاوت بنيوي تتميز فيها الأولى من الثانية في ارتباطها التبعي بها، أي في خضوعها، في حركة تطورها الداخلي حسب منطقه الخاص لحركة التطور الداخلي للثانية التي تولدها بشكل مستمر، في إطار علاقة التبعية هذه، بفعل آلية تحركها الداخلي نفسه وكأثر له.إن علاقة التبعية البنيوية أساس لوجود علاقة التبعية بين الطبقتين وشرط لها، ولا وجود لهذه إلا بوجود تلك وفي إطارها. فالعلاقة الكولونيالية ليست إذن، علاقة ذاتية واعية تتحكم فيها الإرادة الطبقية عند هاتين الطبقتين أو عند إحداهما، ولا يمكن أن تكون كذلك، حتى وإن كانت الإرادة عند الطبقة الواعية موجودة
فيها وهي بالفعل موجودة بل إنها، في حقيقتها النظرية، علاقة موضوعية تخضع لها الإرادة الطبقية نفسها. في هذا الضوء من التحديد النظري للعلاقة الكولونيالية، يمكن فهم علاقة التبعية التي تربط البورجوازية الكولونيالية بالبورجوازية الامبريالية، وفهم طابع التناقض الذي يظهر أحيانا بينهما في شروط تاريخية محددة من تطور البورجوازية الكولونيالية. فدخول هذه الطبقة، في شروط معينة من تطورها التاريخي، في تناقض مع البورجوازية الامبريالية، لا ينفي وجود علاقة التبعية التي تربطها بها، ولا يدل على أن قطع هذه العلاقة هو في منطق صيرورتها الطبقية، بل هو، على العكس من ذلك تماما، يدل على استحالة قيامها بعملية القطع هذه، حتى وإن توافرت عندها على سبيل الافتراض العبثي الإرادة الطبقية للقيام بذلك، لأن تحقق هذه العملية يستلزم بالضرورة تحويلا جذريا لبنية علاقات الإنتاج الكولونيالية التي تجعل منها طبقة مسيطرة، وبالتالي قلبا جذريا لعلاقة السيطرة نفسها.فالاستحالة هذه ليست إذن، من فعل الإرادة الطبقية، بل هي في المنطق الموضوعي لبنية علاقات الإنتاج الكولونيالية، لذا، أمكن القول: إن
ذاك التناقض الطبقي الذي أشرنا إليه بين هاتين الطبقتين كما نلحظه في جانب من حركة عرابي أو في جانب من حركة 1919 في مصر مثلا، أو في حركة الاستقلال في لبنان سنة 1943 لا يمس جوهر العلاقة الكولونيالية، من حيث هي علاقة تبعية بنيوية، وليس في منطق تطوره التاريخي أن يقود إلى قطع هذه العلاقة، بل هو بالعكس يقوم أصلا على أساس من بقائها، ويتطور في إطارها الذي يحده ويمنعه من الخروج منه. وبتعبير آخر،ليست علاقة التبعية الطبقية التي تربط البورجوازية الكولونيالية بالبورجوازية الامبريالية هي التي تحدد علاقة التبعية البنيوية التي تربط البنية الاجتماعية الكولونيالية، في تميز تطورها الداخلي، بالرأسمالية الامبريالية، بل إن علاقة التبعية البنيوية هذه هي التي تحدد بالضرورة علاقة الطبقة الأولى بالثانية كعلاقة تبعية، أي إن العلاقة الكولونيالية ليست علاقة تبعية طبقية بين طبقتين، بل علاقة بنيوية بين بنيتين متميزتين من علاقات الإنتاج، يتحدد تطور كل منهما، في تميزه الداخلي كحركة تفارق طبقي، بتطور الأخرى .فالتبعية للامبريالية قائمة في وجود هذه البنية المتميزة من علاقات الإنتاج الكولونيالية التي تولدت تاريخيا بفعل التغلغل الاستعماري، ويستحيل حصرها في وجود البورجوازية الكولونيالية، وإن كان وجود هذه الطبقة غير منفصل، بالطبع، عن وجود تلك البنية. إن هذا التحديد النظري للعلاقة الكولونيالية هو الذي يعطينا التفسير العلمي لهذه الظاهرة التاريخية من عدم انقطاع علاقة التبعية البنيوية للامبريالية في بعض البلدان العربية ذات
« الأنظمة التقدمية » كمصر وسوريا أو الجزائر مثلا، برغم وصول طبقة أخرى إلى السلطة، غير البورجوازية الكولونيالية، وأكثر عداء منها للامبريالية. فالتبعية الطبقية التي تربط البورجوازية الكولونيالية، بشكل مباشر، بالبورجوازية الامبريالية، لا وجود لها في علاقة البورجوازية الصغيرة، من حيث هي طبقة مسيطرة، بالبورجوازية هي في علاقة « بالأنظمة التقدمية » الامبريالية، بل إن هذه الطبقة المسيطرة في ما يسمى موضوعية من العداء مع الامبريالية سمحت لها، في شروط تاريخية محددة ولأسباب متعددة لا سبيل إلى ذكرها الآن، بأن تكون في قيادة حركة التحرر نفسها، في مرحلة من مراحل تطورها. ومع هذا، لم تنقطع العلاقة الكولونيالية، بل بقيت الإطار البنيوي الذي تتحرك فيه علاقة العداء هذه. وبتعبير آخر، إن وجود التناقض الموضوعي بين البورجوازية الصغيرة المسيطرة والامبريالية لا ينفي وجود العلاقة الكولونيالية ولا يقود إلى قطعها، لسبب بسيط هو أن تحركه قائم أصلا على أساس وجود هذه العلاقة من التبعية البنيوية وفي إطارها، أي في إطار بنية علاقات الإنتاج الكولونيالية وعلى أساس وجودها وبقائها. فالوجود الموضوعي لهذه البنية، من حيث هي القاعدة المادية لوجود
البورجوازية الصغيرة كطبقة مسيطرة، ولتجدد سيطرتها الطبقية، هو الذي يمنع إذن، هذه
الطبقة من أن تقوم بقطع العلاقة الكولونيالية، برغم وجودها في تناقض مع الامبريالية، وهو الذي يعطي هذا التناقض طابعه المحدود، أي طابعا نسبيا معينا يمنعه من أن يقود إلى قطع هذه العلاقة. فعملية القطع هذه لا تخضع لمنطق تطور هذا التناقض، بل لمنطق آخر من التناقض، هو منطق الصراع الطبقي نفسه الذي يتولد داخل البنية الاجتماعية الكولونيالية على أساس علاقات الإنتاج المحددة فيها. معنى هذا أن عملية التحرر من الامبريالية، أي قطع العلاقة الكولونيالية، هي عملية معقدة ومتميزة من الصراع الطبقي، تمر بالضرورة عبر التغيير الجذري، أي التحويل الثوري، لبنية علاقات الإنتاج الكولونيالية. وما دامت هذه البنية قائمة، فالتبعية للامبريالية مستمرة، حتى وإن كانت الطبقة المسيطرة، كالبورجوازية الصغيرة مث ً لا، في علاقة تناقض مع الامبريالية. من هنا أتى العجز الموضوعي التاريخي لهذه الطبقة عن تحقيق مهمة التحرر، إذ إن القاعدة المادية التي تنطلق منها في عدائها للامبريالية، أي إن طبيعة علاقات الإنتاج التي تجعل منها طبقة مسيطرة، هي ذاتها القاعدة المادية لوجود تلك التبعية وبقائها. بين الحفاظ على هذه القاعدة كشرط أساسي لتجدد الوجود الطبقي المسيطر لهذه الطبقة، وبين القضاء عليها كشرط أساسي للتحرر من الامبريالية، تناقض مطلق يستحيل حله، فيه تقع هذه الطبقة، وتحاول عبثا الخروج منه بتوفيق مستحيل بين طرفيه. وليس ما نراه من ذبذبة في ممارستها السياسية سوى انعكاس لهذا التوفيق المستحيل بين التحرر من علاقة التبعية البنيوية للامبريالية والإبقاء على قاعدتها المادية في وجود بنية علاقات الإنتاج الكولونيالي.
مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني
مهدي عامل
النسخ الالكتروني عليه اخرس