مع وفاة كاسترو تموت نهائيا حقبة من الرومانسية الثورية اليسارية التي الهبت الفن والادب والعقول والضمائر والمشاعر على مدار العالم ولعقود.
كاسترو الثائر اساسا على الدكتاتورية ، اصبح هو نفسه دكتاتوراً حكم كوبا لعشرات السنين بحكم هو من الاقسى على الحريات .
ولم يكن ذلك مشكلة في ذلك السياق الثوري، فبحسب النظرية الاشتراكية ، على الحكم الشعبي أن يحمل طابع (دكتاتورية البروليتاريا ) اي دكتاتورية المهمشين والطبقات المسحوقة لحماية مصالح الشعب .
دكتاتورية البروليتاريا ، هي الأساس الذي حكم به طغاة العالم الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي والصين وكوبا والعالم العربي واوروبا الشرقية واميركا اللاتينية ...الخ
ولماذا دكتاتورية البروليتاريا؟ لأن النظرية الاشتراكية وبحق لم تكن تثق بالديمقراطية لأنها ستكون معبرا بشكل او بأخر لعودة الاستغلال والطبقية ، فالديمقراطية لا يمكن عزلها عن نظام سياسي اقتصادي يسمح للفرد بالملكية واالربح والتنافس مما يعني احتمال عودة الاستغلال والتهميش
إلى أين انتهينا....انتهينا إلى أن المهمشين أفرزوا طغاة جدد....كل طغاة العالم الاشتراكي بلا استثناء كانوا من المهمشين...من الفقراء...أولاد حارات وقرى فقيرة .
ولكن ذلك لم يجعلهم أمناء للحرية بل مشتهي سلطة....وهنا بالضبط مقتل الرومانسية الثورية ، لا يعني أن تكون مهمشا وفقيرا أنك بالضرورة محصن من أمراض الملكية والسلطة ، لا يعني يا كاسترو ان ثرت على باتيستا أنك لن تصبح باتيستا..
وانتهينا الى هذا المأزق، ما بين مطرقة ديمقراطية هي في الماضي والآن وغدا ملعب القوى المالية والاحتكارية ، وسندان يسار فشل في ان يكون املا انسانيا .
يروج الآن ميل لوضع هؤلاء الطغاة على أنهم أساس المشكلة ، ولكن في ظني هم عرض لمرض ، فما هو البديل الفكري والثقافي والسياسي للعسكرية الاشتراكية ؟ ، هل هي الديمقراطية وهل يمكن فصلها عن الليبرالية الاقتصادية الراسمالية ، هل تحل ثورة على الطاغية مشكلة التهميش التي هي اساس الفكر اليساري؟
أليس في هذا الحماس الشديد للثورة نوعا من الحنين العاطفي لتلك الرومانسية اليسارية الراديكالية ، هذه الراديكالية الحالمة نفسها التي انتجت الطغاة ؟
يا أيها السادة اليساريون ....الهم اليساري أساسا هو كيف نحل مشكلة التهميش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق