الأحد، 26 فبراير 2017

نقد الملكية

إنّ نقد الملكية لا بدّ أن يحيلنا بالضّرورة على نقد الحكم الملكيّ باعتباره نوعا من أنواع الحكم المطلق، كما يمكنه أن يحيلنا على كونه نوعا من أنواع الحكم المقيّد، الّذي تتوارثه العائلات المالكة في بعض بلدان العالم. و يظلّ نقد الملكيّة، مع ذلك، و في مختلف الحالات محدودا. إذ يعتبر الخطاب الانتقادي، خارج هذه الحدود، خطابا إجراميّا في كلّ البلدان، الّتي حافظت على النّظام الملكي المطلق، لكونه مساسا بحرمة صاحب الجلالة...

هذا و قد تعرّضت الملكيّات المطلقة و مبادئ تكريس الحقّ الإلهي للملوك إلى انتقادات حادّة في القرن الثامن عشر، عصر التنوير. و قد أدّت هذه الانتقادات إلى إعلان إلغاء الملكية في فرنسا في 21 سبتمبر1792 ، و ذلك خلال الثورة الفرنسية. كما أدّت في4 جويلية 1776 إلى استقلال الولايات المتّحدة من نير الملكيّة البريطانيّة إثر قيام الثورة الأمريكية. و هكذا استطاعت بعض البلدان أن تلغي الأنظمة الملكيّة و أن تعوّضها بأنظمة جمهورية، بينما غيّرت بلدان أخرى أنظمتها الملكيّة المطلقة بأنظمةدستورية مقيّدة. .و من أنواع الأنظمة الملكيّة المختلفة، الّتي ما تزال قائمة حتّي الآن، في القرن الواحد و العشرين، في عدد من البلدان، يمكن أن نذكر: الملكيّات المطلقة في: السعودية و برونايوعمان و سوازيلاند و الفاتيكان و قطر. الملكيّات الدّستوريّة في: السويد و الدانمارك و اللكسمبورغ وهولندا و المغرب. الملكيّاتت ذات النّظام البرلماني في: بريطانيا و إسبانيا و بلجيكيا و النرويج. و سوف نرى أن كلّ هذه الدّول، عدا الفاتيكان، هي أعضاء في منظّمة الأمم المتحدة، و قد وقّعت صوريّا على وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكنّها لا تطبّقها، و لا تحترم البنود الّتي جاءت فيها، لأنّها تتعارض مع المبادئ المكرّسة لأنظمة الحكم المطلقوالملكيّات الوراثيّة.

تعارض الملكيّة معالإعلان العالمي لحقوق الإنسانعدل

الأنظمة الملوكيّة عامّة لا تحترم عددا من بنود وثيقةالإعلان العالمي لحقوق الإنسان[1] لسنة 1948، و ذلك لتعارض مبادئها السّلطويّة المطلقة مع ما جاء في البند الأوّل من هذا الإعلان، الّذي يقرّر صراحة:"يولد جميع النّاس أحرارا و متساوين في الكرامة و الحقوق."[2] بينما تخوّل قواعد تولّي العرش في الأنظمة الملكيّة حقوقا و امتيازات خاصّة بأفراد العائلات الحاكمة و أمرائها، دون غيرهم من أفراد الرّعيّة، قصد المحافظة على العرش و استمراره في سلالاتهم. كما تتعارض هذه الأنظمة الملكيّة لنفس الغرض مع البند السّابع من نفس الإعلان، و الّذي جاء فيه "كلّ النّاس سواسية أمام القانون". و لكي نتبيّن مدى تعارض هذه الأنواع من الأنظمة الملكيّة مع مختلف المواثيق الدّوليّة، المكرّسة لحقوق الإنسان في الحرية و المساواة بين الأفراد في كافّة الميادين، السّياسيّة منها و الاجتماعيّة و الثّقافيّة، فإنّه علينا أن نركّز على المبادئ الّتي انبنت عليها هذه الأنظمة بالذّات: ذلك أنّ الأنظمة الملكيّة المطلقة لا تفريق فيها بين السّلطات المختلفة، الّتي تسوس المجتمع. و لذا يستحيل في كنفها تساوي الأفراد أمام القانون. و أنّ كلّ من ينتقد من رعاياها السّلطة القائمة في شخص الملك، يمكنه أن يعرّض نفسه للتّتبّعات العدليّة بجريرة المساس بصاحب الجلالة. بالإضافة إلى أنّ سلطة العفو المخوّلة لعدد من ملوك الإطلاق تمكّنهم من إبطال أيّ حكم صادر عن العدالة في بلدانهم. مثل ما حصل مؤخّرا مع محمّد السّادس و العفو الملكي في المغرب، و قضية العفو الملكي عن مغتصب الأطفال [3].

شكلت القضية اختبارا صعبا للمؤسسة الملكية في المغرب، التي سوئلت بطريقة مباشرة حول تدبيرها للملف، و خلقت نقاشا عموميا حول إشكالات السلطة و استقلال القضاء و الحكامة الأمنية في المغرب.[4]

"دانييل غالبان بينيا"، المقترف لجريمة اللّواط، و الصّادر في حقّه حكما سابقا بنفس التّهمة... كما تتعارض الملكيّات المطلقة في هذا الصّدد مع الفصل 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، و الّذي جاء في بنوده ما يلي:

1ـ" لكلّ فرد الحقّ في الاشتراك في إدارة الشّؤون العامّة لبلاده، إمّا مباشرة أو بواسطة ممثّلين يُختارون اختيارا حرّا."

2ـ لكلّ شخص نفس الحقّ الّذي لغيره في تقلّد الوظائف العامّة في البلاد.

3ـ إنّ إرادة الشّعب هي مصدر سلطة الحكومة. و يُعبّر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دوريّة، تُجرى على أساس الاقتراع السّرّي، و على قدم المساواة بين الجميع، أو حسب أيّ إجراء مماثل يضمن حرّيّة التّصويت."[5] و هذه البنود الثّلاثة تتعارض مع المبدأ المعمول به في كلّ الملكيّات الوراثيّة، الّتي يمنع فيها أفراد الرّعيّة من اعتلاء سدّة العرش، عدا وليّ العهد ، الموكول له وحده بالحفاظ على أستمراريّة الحكم في نفسالسلالة الملكيّة الحاكمة..

تعارض الملكيّة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسيةعدل

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية هو (بالإنجليزيةInternational Covenant on Civil and Political Rights (ICCPR))و هذا العهد[6] يتعارض مع الملوكية فمثال: ضرورة مبدأ وجود وليّ للعهد من أمراء الأسر الوراثيّة المالكة تمنع أيّ فرد غيره من الرّعايا، الّتي تشملهم هذه الملكيّات، من الوصول إلى سدّة الحكم. و تمنعه بالتّالي من التّمتّع بحقّه المعلن عنه في الفصلين الأوّل و الخامس و العشرين من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية. حيث جاء فيهما:

الفصل 1: "لجميع الشّعوب حقّ تقرير مصيرها بنفسها. و هي بمقتضى هذا الحقّ حرّة في تقرير مركزها السّياسي، و حرّة في السّعي لتحقيق نمائها الاقتصادي و الاجتماعي و الثّقافي." الفصل 25:

1)"لكلّ فرد الحقّ في الاشتراك في إدارة الشّؤون العامّة لبلاده، إمّا مباشرة و إمّا بواسطة ممثّلين يُختارون اختيارا حرّا.

2) لكلّ شخص نفس الحقّ الّذي لغيره في تقلّد الوظائف العامّة في البلاد.

3)إنّ إرادة الشّعب هي مصدر سلطة الحكومة. و يُعبّر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دوريّة ، تُجرى على أساس الاقتراع السّرّي، و على قدم المساواة بين الجميع، أو حسب أيّ إجراء مماثل يضمن حرّيّة التّصويت."

تعارض الملكيّة مع ميثاق الحقوق الأساسيّة للاتّحاد الأوروبّيعدل

(بالإنجليزيةCharter of Fundamental Rights of the European Union) يظهر تعارض الأنظمة الملكيّة، المطلقة و الوراثيّة، مع ميثاق الحقوق الأساسيّة لالاتحاد الأوروبي في أنّ بعض هذه الأنظمة ما تزال تحافظ على قواعد توريث العرش للولد البكر من السّلالة و حرمان الإناث منها، كما هو الحال في اليابان و في كلّ الملكيّات الّتي تكرّس الإسلام دينا للدّولة، مثل السعودية و الأردن والمغرب... أمّا البنود الّتي تتعارض مع مبادئ هذه الأنظمة الملوكيّة من ميثاق الحقوق الأساسيّةلالاتحاد الأوروبي فقد نصّ عليها الفصل الواحد و العشرين، الخاص بعدم التّمييز بين الأفراد في المجتمع، فقد جاءت بنوده بما يلي:

'البند21:يمنع التّمييز بين الأفراد في المجتمع بسبب الجنس أو العنصر أو اللّون، أو بسبب الأصول العرقيّة أو الاجتماعيّة، أو بسبب الخصوصيّات الجينيّة، و كذلك بسبب اللّغة أو الدّين أو المعتقد، أو بسبب التّوجّهات السّياسيّة و غيرها من الآراء، كما يمنع التّمييز بين الأفراد بسبب الانتماء إلى أقلّيّة قوميّة، أو بسبب الثّراء أو المولد، و كذلك بسبب الإعاقة أو السّنّ أو الميول الجنسيّة للأشخاص.

البند 23: و هو خاص بالمساواة بين الذّكور و الإناث: يجب ضمان المساواة بين الرّجال و النّساء في كافّة الميادين."

ثروات العائلات المالكةعدل

أثرت بعض العائلات المالكة في عدد من بلدان المعمورة ثراء فاحشا على حساب رعاياها المقلّين. و قد أوردت المجلّة الأمريكيّة "فوربس" في عددها الصّادر سنة 2010 ترتيبا إحصائيّا لثروات أغني الملوك و الأمراء في العالم . و هذه قائمة أغنى ملوك العالم حسب التّرتيب التّنازلي لثرواتهم :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق