نظرية الشواش
نظرية الشواش من أحدث النظريات الرياضيةالفيزيائية - وتترجم أحيانا بنظرية الفوضى - التي تتعامل مع موضوع الجمل المتحركة (الديناميكية) اللاخطية التي تبدي نوعا من السلوك العشوائي يعرف بالشواش، وينتج هذا السلوك العشوائي إما عن طريق عدم القدرة على تحديد الشروط البدئية (تأثير الفراشة) أو عن طريق الطبيعة الفيزيائية الاحتمالية لميكانيك الكم.
تحاول نظرية الشواش أن تستكشف النظام الخفي المضمر في هذه العشوائية الظاهرة محاولة وضع قواعد لدراسة مثل هذه النظم مثل الموائعوالتنبؤات الجوية والنظام الشمسي واقتصاد السوق وحركة اللأسهم المالية والتزايد السكاني.
صورة تمثل المخطط الإسقاطي لجملة لورينتز الموافقة للقيم التالية: r=28, σ = 10, b = 8/3
تاريخعدل
تاريخيا، دراسة ظواهر الفوضى ظهرت ابتدأ من معضلة الأجسام الثلاث، وهي مشكلة ديناميكيةالفيزياء الرياضية المطبقة على الميكانيكا السماوية، التي واجهها في المقام الأول علماء رياضيات مثل جوزيف لوي لاغرانج وهنري بوانكاريه.
مقدمة عامةعدل
أول من بحث في الشواش كان عالم الأرصاد، المدعوإدوارد لورينتز. ففي عام 1960 م، كان يعمل على مشكلة التنبؤ بالطقس. على حاسوب مزود بنموذج لمحاكاة تحولات الطقس مؤلف من مجموعة من اثنتا عشرة معادلة لتشكيل الطقس. يقوم برنامج الحاسوب هذا بتوقع نظري للطقس.
في أحد أيام 1961، أراد رؤية سلسلة معينة من الحسابات مرة ثانية. ولتوفير الوقت، بدأ من منتصف السلسلة، بدلا من بدايتها.
لاحظ لورينتز عند عودته، أن السلسلة قد تطورت بشكل مختلف. بدل من تكرار نفس النمط السابق، فقد حدث تباعد في النمط، ينتهي بانحراف كبير عن المخطط الأصلي للسلسلة الأصلية.
وفي النهاية استطاع لورينتز تفسير الأمور، فقد قام الحاسوب بتخزين الأعداد بستة منازل عشرية في الذاكرة. لكنه كان يظهر ثلاثة أرقام عشرية فقط. عندما قام لورينتز بإدخال عدد من منتصف السلسلة أعطاه الرقم الظاهر ذو المنازل العشرية الثلاث وهذا أدى لاختلاف بسيط جدا عن الرقم الأصلي الموجود في الحسابات. ورغم أن هذا الخلاف بسيط جدا وضئيل فقد تطور مع تسلسل الحسابات إلى فروق ضخمة تجلت بانحرافات المخططات الواضحة.
كانت الأفكار التقليدية وقتها تعتبر مثل هذا التقريب إلى ثلاثة مراتب عشرية دقيقا جدا ولم يكن الفيزيائيون يلقون بالا إلى الفروقات التي يمكن أن تنتج بعد مدة من هذه الفروقات الضئيلة فيالشروط البدئية للتجربة، لكن لورينتز غير هذه الفكرة.
جاء هذا التأثير لكي يعرف بتأثير الفراشة. فكمية الاختلاف الضئيلة في نقاط بداية المنحنيين كانت صغيرة جدا لدرجة تشبيهها بخفقان جناح فراشة في الهواء لكن آثارها كانت عظيمة لدرجة التنبؤ بإعصار يضرب منطقة من العالم.
من هذه الفكرة، صرح لورينتز بأنه من المستحيل توقع الطقس بدقة. على أية حال، قاد هذا الاكتشاف لورينتز إلى تشكيل النظرية التي عرفت لاحقا بنظرية الشواش.
بدأ لورينتز البحث عن نظام (مجموعة معادلات) أسهل من نظامه ذو الاثني عشر معادلة ليدرس حساسيته للشروط البدئية. اعتمد لورينتز نموذجا يصف جملة دولاب مائي مؤلفة من ثلاث معادلات.
حصل لورينتز من جديد على حساسية عالية للشروط البدئية في هذا النموذج، فالنموذج كان يقدم نموذجا شواشيا يتغير مخططه بتغير الشروط البدئية لكن المدهش في الموضوع أن شكل المخططات كان دائما متشابها بشكل لولب مزدوج. تقليديا، كانت توصف الحركات بأنها إما أن تؤدي إلىحالة مستقرة حيث تصل المتغيرات إلى قيم ثابتة لا تتغير أو حركات دورية تقوم بنفس الحركات على نفس المسارات بشكل مستمر، لكن في هذه الحالة حصل لورينتز على حركات ذات شكل متشابه لكنها غير متطابقة وبالتالي غير دورية، وهذا النمط من الحركة هو ما أسماه لورينتز فيما بعد بجاذب لورينتز.
مفاهيم أساسيةعدل
الجملة الخطية أو النظام الخطي تساوي مجموع أجزائها بينما الجملة اللاخطية يمكن أن تكون أكثر من مجموع أجزائها. هذا يقتضي ضرورة دراسة الجملة ككل وعدم الاكتفاء بدراسة أجزاء الجملة كلا على حدة.معظم الظواهر الطبيعية في الكون تتألف من جمل لاخطية في حين تشكل الجمل الخطية نزرا يسيرا من تكوين العالم غالبا ما تظهر بعد إجرائنا لكثير من الإجراءات والتقريبات لجعل شروط الظاهرة نظامية والجملة خطية.
الحركة الشواشيةعدل
يمكن تصنيف حركة ما بأنها شواشية إذا أبدت الخواص التالية:
أن تكون مقيدةحساسة للشروط البدئيةقابلية التحويلتراص مساراتها الدورية.
الحساسية للشروط البدئية تعني أن أي جملتين متماثلتين: تسلكان مسارات مختلفة كليا ضمن فضائهما الطوري إذا اختلفت الشروط البدئية ولو بشكل ضئيل.
قابلية التحويل تعني أنه يمكن تطبيق تابع تحويل على أي فترة زمنية ت11 بحيث يقوم بمطها ومطابقتها مع فترة زمنية أخرى ت2.
جواذب الحركةعدل
أهم طرق تمثيل الحركات هي مخططات الطور حيث يقوم كل محور في نظام الإحداثيات بتمثيل أحد أبعاد حالة الجملة. فمثلا إذا كان الجسيم بحالة راحة يمكن تمثيله بنقطة في حين إذا كانت الجملة تتحرك حركة دورية فسيكون تمثيلها بمنحن مغلق بسيط. فمن المؤكد إذن أن مخطط الطور لجملة معطاة يعتمد على الشروط البدئية للجملة إضافة إلى مجموعة من المؤشرات لكن في الكثير من الأحيان تبين مخططات الطور بأن حركات الجمل تتطور مع الزمن لتؤدي في النهاية نفس الحركة وذلك مهما كانت الشروط البدئية، كما لو أن الجملة تنجذب لأداء هذه الحركة. لذلك ندعو هذه الأنماط من الحركات الجاذبة للجمل بالجواذب، من هذه الجواذب ما هو بسيط على شكل نقطي أو منحنيات دائرية تدعى بالدوائر الحدية. بالمقابل تبدي الحركات الشواشية جواذب غريبة ومعقدة تدعى بالجاذب الغريب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق