الخميس، 12 أكتوبر 2017

النهضة الفكرية وحرية التعبير بالمغرب


Aspro Aspegik

قليل منا من يعرف أن النهضة الفكرية والعلمية والديموقراطية والصناعية التي عرفتها أوربا في القرون الاخيرة ترجع الى عامل واحد وهو العامل الفكري . 
فهذه النهضة قامت على أسس فكرية من طرف المفكرين المثقفين الأوروبيين الذين حملوا مشعل الثورة الفكرية التي حملت معها رياح التغيير الى شعوب أوربا ، حيث بدأت هذه الرياح تمزق القيود الدينية، وتحطم أغلال الكنيسة التي قيدت المجتمعات الأوربية . فأصبح المفكرون قواد هذه الثورة ضد رجال الدين المتسلطين على رقاب الناس . فنشب الصراع بين الطبقة المثقفة والطبقة الدينية انتهت بانتصار العقل على الخرافة ، فنتج عن هذا الانتصار مجموعة من الايجابيات والفضائل من بينها تحرير الانسان وانتشار الفكر والوعي مما أدى الى ظهور أسس هذه العلوم التي نعرفها الْيَوْمَ ، وأسس الديموقراطيات التي نشهدها الْيَوْمَ عند اَهلها . كل هذا راجع الى أصل واحد وهو الفكر او ما يسمى بالفلسفة . الفلسفة التي مازالت توضع عليها علامات الاستفهام عندنا حيث ان شعبة الفلسفة هي اخر ما يفكر فيها الطلبة عندنا لأسباب نعرفها ومن بينها ان شعبة الفلسفة غير متوفرة في جميع الجامعات ، وأن سمعة الفلسفة عندنا سييء جداً حيث يعتبر أستاذ الفلسفة عندنا ملحداً وينظر اليه بنظرة غير بريئة ،وليست نظرة الرضى ، وهذا يمكن ان نعتبره سبباً رئيسياً في عدم توفرنا على المفكرين الحقيقيين . وحتى ان كان هناك من يمكن ان نقول عنهم مثقفون وكتاب فهم لا يرتقون الى مستوى المفكر الحر نظراً للقيود الأيديولوجية الدينية ، بالاضافة الى مراعات هوامش الحرية التي يفرضها النظام والخطوط الحمراء التي يضعها ولا يجب على المثقف او الكاتب ان يتجاوزها . والنتيجة هي أن المثقفين والكتاب والمؤرخين الذين نتوفر عليهم والذين اقل ما يمكن ان نقول عنهم هو خدام النظام . ومن لم يحترم هذه الضوابط يعاقب حسب مزاج النظام كما حدث للمنجرة . 
ولهذا فالفكر والابداع في مختلف المجالات لا ينتعش الا في ظروف تسوده الحرية التامة ، وبالتالي فالحرية هي الإبداع ، والابداع هو الحرية .
فالمفكر عندنا بين نارين : نار النظام ، ونار الدين ، فإذا تخلص من خوف الاول يحاصره الثاني ، ولدينا مثالين حيين في المغرب وهما : المهدي المنجرة ، وأحمد عصيد . فالأول كان متحرراً شيئاً ما من النظام ولكنه مقيد بالأيديولوجية الدينية ، فكانت النتيجة التهميش ومحاربة أفكاره من طرف النظام ، أما أحمد عصيد فكان عكس المنجرة متحرر من الدين ، ومقيد بالنظام ، والنتيجة هي محاربته من طرف رجال الدين واتباعهم من الشعب ، والضحية هي البلاد كلها . وهناك أمثلة اخرى في بلدان إسلامية اخرى كمصر مثلاً ، التي حورب فيها المفكرون من طه حسين الى السيد القمني، وما فرج فودة الذي قتل قبل سنوات الا مثالاً على محاربة الفكر الحر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق